اخر الاخبارالمال والاعمال

كيف ستتعامل شركات الخدمات المهنية مع الركود الكبير؟

ft

قبل عامين، لم تكن شركات الخدمات المهنية في لندن قادرة على الاحتفاظ بموظفيها، أما الآن فهي لا تستطيع التخلص منهم. ففي عام 2021، تزامن الطلب المتزايد على خدمات شركات المحاسبة والقانون والاستشارات بعد فترة الجائحة مع ظاهرة سميت بـ«الاستقالة الكبرى».

حيث قيم الموظفون مسيراتهم المهنية، واختاروا الاستقالة أو الانتقال بأعدادٍ ضخمة، مما أدى إلى خلق سوق متقدة يشتعل فيها الطلب على مستشاري الشركات.

لكن كلا الاتجاهين تراجع. نعم، الأعمال ليست شديدة السوء، رغم قلة الصفقات والتوقعات الاقتصادية البريطانية الهشة، إذ من المتوقع، وفقاً لتقديرات جمعية الاستشارات الإدارية، أن تنمو عائدات الخدمات الاستشارية بنسبة 11 % هذا العام، قبل أن تتباطأ لتصل إلى 9 % في العام المقبل. وهذا يعني العودة إلى وضعها الطبيعي من الذروة التي بلغتها في ما بعد الجائحة، ولذلك، لا يمكن اعتبارها أوقاتاً عصيبة.

من جانبه، كان تغير سلوك الموظفين أكثر درامية.

ووصلت نسبة معدلات الاستنزاف بين الاستشاريين في المملكة المتحدة إلى أكثر من 20 % خلال نوبة التوظيف الهائلة بعد جائحة كوفيد 19، وهو رقم يتجاوز المتوسط طويل الأجل للقطاع البالغ حوالي 12 %. وفي العام الجاري، وفقاً لمصادر داخل القطاع، انخفضت حركة التنقلات بشكلٍ ملحوظ، حيث انخفض معدل الاستنزاف إلى ما بين 5 % إلى 7 %.

وتعد هذه مشكلة بالنسبة إلى الشركات، وخاصةً الكيانات الأربعة الكبرى، التي تعتمد على استقطاب عددٍ هائل من الخريجين للتعامل مع الأعباء العملية بشكلٍ مستمر، ثم تخفيض أعدادهم تدريجياً إما برحيل الأفراد، أو الانتقال إلى المنافسين، أو العملاء أو بسبب الاحتراق الوظيفي. وعادةً ما تساعد معدلات الاستنزاف المرتفعة.

إضافة إلى خطوط الأعمال التي تعود للارتفاع في حالة ركود السوق، هذه الشركات على تلمس طريقها خلال فترات الركود دون الحاجة إلى إعادة هيكلة جذرية. ولكن في الأسابيع الأخيرة، بدأت كل من الكيانات الأربعة الكبار سلسلة تسريح الموظفين في المملكة المتحدة، في حين قامت بعض الشركات بتأجيل تقديم العروض الوظيفية للمنضمين الجدد الذين كان من المقرر اقتراب بداية مسيرتهم المهنية.

ويقول تيم موريس، الأستاذ المتقاعد في كلية سعيد لإدارة الأعمال، إن ما يميز هذه الدورة هو أن الشركات يبدو أنها تتحرك بسرعة وحزمٍ كبيرين لمواءمة العمالة مع متطلبات العملاء، ولحماية أرباح كل الشركاء، وهو المعيار الأساسي لأداء الصناعة.

وقد يكون ذلك بسبب أن الحركات على مستوى الشركاء قد زادت بشكلٍ ملحوظ في السنوات الأخيرة، خاصةً في بعض المجالات.

حيث يقتنص المنافسون الجدد أصحاب الدخول المرتفعة الذين كانوا مخلصين للشركات القديمة سابقاً. ووفقاً لكريس إلدريدج، رئيس شركة روبرت والترز للتوظيف في المملكة المتحدة وأيرلندا وأمريكا الشمالية، فإن الشركات، حتى في هذا الوقت الذي تجمد فيه التعيينات، تواصل البحث عن تعيينات في مناصب قيادية ممن لديهم بالفعل شبكة علاقات متينة وسجل لتاريخهم في جذب الأعمال.

ومع ذلك، فإن حماية المراكز القيادية في القطاع بكل هذا الجهد تزيد من خطر تفاقم الاتجاهات المتقلبة في القطاع عند حدوث الانتعاش الحتمي. فالتقليص من القاعدة الأساسية، وسحب عروض العمل من الخريجين الذين يتسمون عادة بأقل قدرة على التعامل مع التغييرات غير المتوقعة، أمر لا يتسم بالعدل ولا الحكمة.

ونظراً لاعتماد الشركات على توظيف الخريجين، فإن الحفاظ على سمعة طيبة في جولات التوظيف في المؤسسات التعليمية أمر ضروري. كذلك، فإن تقليص الأجور بالوظائف الابتدائية ذات الأجور المُنخفضة، وترك تركة ثقيلة من المبتدئين العاطلين سيزيدان من تعقيد المشكلة.

وقد تعيد بعض الشركات النظر في احتياجاتها للموظفين من المستوى المبتدئ بناءً على التأثير التحولي الذي سيكون للذكاء الاصطناعي على جميع الأعمال (أو هذا ما يستمرون في قوله لنا، رغم أنه أمر سابق لأوانه بكل تأكيد). وقد أظهر بحث أجرته شركة باين أن الخدمات المهنية في المقدمة من حيث الأعمال التي يمكن أتمتتها باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث كانت النسبة 41 %.

ومهما يكن الأمر، يجب مقاومة غريزة التقليص حتى وإن بدا ذلك أسهل الخيارات. فالقطاع بالفعل يعاني من الاضطراب الذي تسببت فيه عزلة الجائحة، وارتفاع نسبة الدوام المرن، خاصةً بين الشركاء، والذي كان لها تأثير على نموذج العمل الذي يعتمد على قادة ذوي أجور جيدة يوجهون ويدربون المبتدئين.

وتقول لورا إمبسون، أستاذة إدارة شركات الخدمات المهنية، إن واحدة من غرائب هذه الدورة أن نقص الكوادر في فترة ازدهار ما بعد الحجر دفعت بعض المستشارين إلى القيام بأعمال المبتدئين لفترة أطول، بدلاً من الانتقال إلى القيام بمزيد من أعمال تطوير وإدارة العملاء.

ويشكل ذلك خطراً بنقص الكوادر في الوظائف المبتدئة وقلة الخبرة في جلب الأعمال التجارية في الرتب الأعلى في الهرم الوظيفي، عندما يبدأ الدوران في السوق. لذلك، يجب أن يكون الهدف هو تجنب موجة أخرى من الاستقطاب الذي يسوده الذعر عندما تحين اللحظة المناسبة، في نهاية المطاف.

كلمات دالة:
  • FT

كيف ستتعامل شركات الخدمات المهنية مع الركود الكبير؟

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock