اخر الاخبارالمال والاعمال

نظام رعاية الأطفال بأمريكا يعاني الكثير من أوجه الخلل

ft

يستند جزء كبير من حملة الرئيس جو بايدن لإعادة ترشحه للرئاسة في 2024 إلى تمرير إدارته أكبر برنامج محفزات مالية منذ حقبة أيزنهاور، حيث تدفقت الأموال إلى البنية التحتية، وصناعات الرقائق والتكنولوجيا النظيفة. لكن لطالما كان جدول أعمال خطة «إعادة البناء بشكل أفضل» لبايدن ذي شقين، هما إعادة بناء الاقتصاد الصناعي الأمريكي وإعادة بناء اقتصاد الرعاية. بيد أن الهدف الثاني ما زال في خطر، وربما يحمل ذلك في طياته تداعيات كبيرة على أسواق العمل والتضخم.

لقد قفزت نسبة النساء في القوى العاملة في الوقت الراهن إلى مستويات مرتفعة قياسية، ما يعود جزئياً إلى دفع البيت الأبيض بإعانات رعاية الأطفال، رداً على إغلاق 16.000 مركز لرعاية الأطفال إبان الجائحة. لكن مراكز رعاية الأطفال تعمل بهوامش ضئيلة في أحسن الظروف، وحتى وقتنا الراهن، وبدأ بعضها في الإغلاق مع الإلغاء التدريجي للإعانات النهائية، ويأتي هذا في وقت تزداد فيه تكلفة الرعاية. فقد أظهر تقرير صادر عن «بنك أوف أمريكا إنستيتيوت»، في أكتوبر 2023، ارتفاع مدفوعات رعاية الأطفال بما يفوق 30 % مقارنة بعام 2019.

ما الذي يكمن وراء هذه المقاربة إذن؟ ولم تغلق مراكز الرعاية أبوابها رغم ازدياد الأسعار؟ الإجابة باختصار، أن قطاع رعاية الأطفال في الولايات المتحدة يعاني الكثير من الخلل. وقالت هيذر بوشي، التي تعمل في مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس والتي كتبت باستفاضة عن اقتصاد الرعاية والصعوبات التي تواجه الأسر العاملة: «ليس بإمكانك إنجاح نموذج أعمال القطاع الخاص، ما لم تكن تقدم خدماتك للنخبة في المقام الأول»،

ومن أجل تقديم منافع الرعاية الصحية مع أجور لائقة ومرافق مريحة، سيتحتم على أغلب مراكز الرعاية فرض رسوم أعلى من التي يمكن أن تدفعها الأسرة المتوسطة.

وبحسب استطلاع أجراه موقع «كير دوت كوم»، فإن ثلثي الأسر التي تدفع مقابل رعاية الأطفال، تنفق 20 % أو أكثر من دخلها على مثل هذه الخدمات، التي يزداد استهدافها للسوق الثرية. وأشارت دراسة «بنك أوف أمريكا» إلى أن الأسر التي تجني ما يتراوح بين 100.000 و250.000 دولار سنوياً تلجأ بصورة أكبر إلى خدمات رعاية الأطفال، في حين أن الأسر التي تجني مقابلاً أقل تنفق قدراً أقل، ويعود ذلك جزئياً إلى التضخم الذي يتسبب فيه مستهلكو الخدمات من الأكثر ثراءً، فيما تنفق الأسر الأكثر ثراءً قدراً أقل على سلع أخرى وخدمات؛ وفاءً بمدفوعاتها المتبقية لقاء خدمات الرعاية. ويعتقد «بنك أوف أمريكا» أن تضخم رعاية الأطفال سيواصل التصاعد، بالنظر إلى انتهاء أجل البرنامج الحكومي لـ«استقرار رعاية الأطفال».

أكدت إدارة بايدن على التزاماتها تجاه الرعاية، فاقترحت نفقات أكثر طموحاً في الموازنة الفيدرالية لعام 2024. لكن لا توجد ثمة فرصة تقريباً لتمرير الزيادة المقترحة للمدفوعات إلى مقدمي الرعاية والأسر العاملة، بمقدار 400 مليار دولار، على مدى 10 سنوات مقبلة.

ونتيجة لذلك، سيلجأ العديد من الأسر إلى مدخراتهم، أو ربما تضطر النساء اللاتي لديهن أطفال في مرحلة رياض الأطفال وتمكن من البقاء في العمل أثناء الجائحة إلى ترك العمل. ومن شأن ذلك أن يضع مزيداً من الضغوط على سوق العمل، التي يعتقد الاحتياطي الفيدرالي أنها ستظل ضيقة نسبياً هذا العام.

إذن، ما حل نظام رعاية الأطفال في الولايات المتحدة المصاب بالخلل؟ قد يبدو من الضروري إنفاذ شكل من أشكال التدابير الرامية إلى استمرار الدعم الذي تقدمه الدولة وزيادته. وسلطت دراسة في 2023، أجراها مركز السياسات الحزبية، الضوء، على تسبب نقص استفادة 3.4 ملايين طفل من الرعاية الرسمية في 35 ولاية في تكلفة الدولة خسائر في الإنتاجية الاقتصادية تتراوح بين 142 – 217 مليار دولار. من ناحية أخرى، بلغ إجمالي سلة رعاية الأطفال في خطة الإنقاذ الأمريكية ذات الصلة بالجائحة 78 مليار دولار. وتبدو هذه صفقة جيدة بالنسبة لي، حتى من دون الإنفاق الاستهلاكي الإضافي الآتي من الأسر التي يعمل فيها الأبوان، أو التضخم وتأثيرات سوق العمل الناجمة عن عمل مزيد من النساء.

وعادة ما يعترض المحافظون على دعم رعاية الأطفال، لأسباب تتراوح بين التحررية الاقتصادية، ومسألة وجوب عناية الأمهات بأطفالهن الصغار. لكن حتى الآباء الذين لا يعملون ويمكثون في منازلهم سيستفيدون من خصومات الضرائب للأسر وميزات الضمان الاجتماعي التي خضعت للإصلاح، التي تصنف العناية بالأطفال عملاً، وهو، من واقع خبرتي، أصعب أنواع الأعمال. ولكم هو من السخيف أن الآباء الذين لا يعملون ينتهي بهم الحال إلى رعاية طبية أقل، وكذلك دعم معاشات تقاعدية حكومية أقل، لأنهم لا يعتبرون عاملين.

ومن هذا المنطلق، فالحقيقة أن أغلب النساء يحتجن ويرغبن في العمل، وأن الولايات المتحدة في أمس الحاجة لنظام، يعتبر نقص الوصول إلى رعاية الأطفال أمراً يتخطى عوامل اقتصادية خارجية ستعمل السوق على مواجهتها من تلقاء نفسها. ومن شأن نهج «السوق يعرف أفضل» في هذا السياق أن يسفر عن ارتفاع التضخم، وزيادة عدم المساواة، كما سيعيد مزيداً من النساء إلى مسار الأمومة.

وحتى يمكن إعادة انتخاب بايدن رئيساً، آمل أن يكون دعم اقتصاد الرعاية، المهمة التي سيضطلع بها في فترته الثانية. كذلك، تحتاج الشركات للعب دور أكبر في حل المشكلة. وتعتقد جينا ريموندو، وزيرة التجارة، أن تقديم الرعاية مهم في تحديد الشركات التي يمكن لها الوصول إلى الأموال التحفيزية ضمن خطة الإنقاذ الأمريكية. إنني آمل أن تنبثق عن هذا أفكار عن كيفية تأسيس نظام أفضل على نطاق واسع.

كلمات دالة:
  • FT

نظام رعاية الأطفال بأمريكا يعاني الكثير من أوجه الخلل

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock