اخر الاخبارالمال والاعمال

مصنعو الألواح الشمسية الأمريكيون في مهب رياح الواردات

ft

تنخفض أسعار الألواح الشمسية في الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية بسبب طوفان من الألواح الصينية. ورغم أنه نعمة لمطوري الطاقة المتجددة، إلا أنه يهدد المصنعين الذين يحاولون إنشاء سلسلة إمداد محلية لأسرع مصادر توليد الطاقة الكهربائية نمواً في أمريكا.

وضاعفت الصين، المورد المهيمن على معدات الطاقة الشمسية، سعتها الإنتاجية العام الماضي لأكثر من تريليون واط، وتنتج حالياً ألواحاً تفوق الطلب العالمي بنحو ثلاث مرات، بحسب وكالة الطاقة الدولية و«وود ماكنزي». وانخفضت أسعار الألواح الشمسية عالمياً بنسبة 50% في العام الماضي إلى 10 سنتات للواط.

حفزت هذه التخمة في المعروض، شركات الطاقة الأمريكية، على تفضيل الواردات على الألواح المحلية الأكثر تكلفة، في الوقت الذي تبني فيه مجمعات جديدة لتوليد الطاقة الشمسية. ورداً على هذا التطور، يقول المصنعون في أمريكا الشمالية، إنهم يتراجعون عن خطط التوسع رغم الحوافز المربحة والمتاحة لهم، بموجب قانون الحد من التضخم، وهو قانون أمريكي مهم فيما يتعلق بالمناخ.

وقال مارتن بوكتاروك، رئيس شركة هيلين الكندية المصنعة للألواح الشمسية: «السوق سيئة». وأضاف أن شركته أجلت خططها لإضافة خط تجميع بقدرة 500 ميجاوات إلى مصنعها للألواح الشمسية في مينيسوتا. وتابع: «لا نريد قضم شيء لا يمكننا مضغه».

تخلت «كيوبيك بي في»، وهي شركة مصنعة لرقاقات الألواح الشمسية ومدعومة من بيل جيتس، الشهر الماضي، عن خطط لبناء مصنع أمريكي بقوة 10 جيجاواط كانت أفصحت عنه في ديسمبر 2022، مشيرة إلى ما وصفته بـ«انهيار هائل» في الأسعار.

أما مارك فيدمار، الرئيس التنفيذي لدى «فيرست سولار»، وهي أكبر المصنعين الأمريكيين للألواح الشمسية، فحذر في لجنة استماع عقدت أمام اللجنة المالية في مجلس الشيوخ، من أن البلاد ستصبح امتداداً لمبادرة الحزام والطريق الصينية بحكم الواقع.

وبعد تمرير قانون الحد من التضخم، أعلنت «فيرست سولار» بناء مصانع جديدة في ولايتي ألاباما ولويزيانا. وقال فيدمار لـ«فايننشال تايمز»: «لا تريد الصين أن تتمتع أمريكا بصناعتها المحلية الخاصة، إنه وضع مزرٍ للغاية».

وتضع الولايات المتحدة، تعريفة جمركية 14% على واردات مكونات توليد الطاقة الشمسية من غالبية الدول، وتطبق نسبة منفصلة قدرها 25% على السلع المصنوعة في الصين، التي فرضتها واشنطن بسبب الممارسات التجارية «التمييزية» التي تنتهجها بكين، إلى جانب رسوم مكافحة الإغراق، وأيضاً رسوم تعويضية على الألواح صينية الصنع تتخطى 200%.

كما خضعت شحنات الألواح الشمسية من جنوب شرق آسيا، لرسوم مكافحة إغراق ورسوم تعويضية، بعد أن وجدت وزارة التجارة الأمريكية الصيف الماضي، أن 5 شركات صينية أسست مصانع لها في المنطقة، للاحتيال على التعريفات الأمريكية. وأقرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تمديد هذه الرسوم حتى يونيو المقبل.

وأفاد تقرير صادر عن مجموعة «بلومبرغ إن إي إف»، بأن الولايات المتحدة تستورد غالبية الألواح الشمسية من جنوب شرق آسيا، التي تظل صادراتها أرخص كثيراً من نظيراتها المصنوعة في أمريكا، حتى بعد احتساب التعريفات الجمركية والدعم المقدم بموجب قانون الحد من التضخم. وذكرت المجموعة البحثية المعنية بالطاقة النظيفة، أن الولايات المتحدة استوردت ألواحاً شمسية بسعة 50 جيجاواط بين يناير ونوفمبر 2023، وهو مستوى قياسي مرتفع.

ونوه بول ليزكانو، كبير المحللين لدى «بلومبرغ إن إي إف»، بأن دلائل المشكلات بادية لمصنعي الألواح الشمسية الأمريكيين. وتوقع إما إلغاء أو إرجاء التزامات تصنيع الألواح الشمسية الأمريكية، التي يبلغ إجماليها أكثر من 115 جيجاواط، منذ مصادقة الرئيس جو بايدن على قانون الحد من التضخم.

وتشير تقديرات «بلومبرغ إن إي إف»، إلى أن الخلايا ووحدات الطاقة الشمسية المصنعة داخل الولايات المتحدة ستكلف 18.5 سنتاً للواط بنهاية 2024، مقارنة بتكلفة تبلغ 15.6 سنتاً للمصنعة في جنوب شرق آسيا.

وقال ليزكانو: «الدعم المقدم بموجب قانون الحد من التضخم مربح للغاية، لكنه يظل غير كافٍ لمنافسة الواردات الرخيصة»، مضيفاً أن اتخاذ «تدابير حمائية جديدة» سيكون أمراً حيوياً لجعل التصنيع الأمريكي قادراً على المنافسة.

ودعا مصنعون أمريكيون، بينهم «فيرست سولار» و«هيلين»، إلى إنفاذ أكثر صرامة للتعريفات الجمركية، بما في ذلك إلغاء إعفاء الألواح الشمسية ثنائية الوجه التي تشكل غالبية الواردات، كما دعوا إلى تقديم موعد إنهاء الوقف الاختياري للرسوم المفروضة على واردات جنوب شرق آسيا.

ومثلت الأسعار الرخيصة للألواح الشمسية، رياحاً مواتية لاستخدام الطاقة الشمسية الأمريكية، ما عزز وجود مصدر طاقة خالٍ من الكربون في شبكة الكهرباء. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إضافة 36 جيجاواط جديدة من الطاقة الشمسية إلى الشبكة الأمريكية هذا العام، ليكون أكبر مصدر لنمو السعة في الشبكة الكهربائية.

وقالت أبيجيل روس هوبر، رئيسة رابطة صناعات الطاقة الشمسية، التي تمثل مطوري ومصنعي الطاقة الشمسية الأمريكيين، لصحيفة «فايننشال تايمز»، إن الولايات المتحدة ستحصل دائماً على مزيج من الألواح المستوردة والمصنعة محلياً، ومجموعة الصناعة لا تؤيد الإنهاء المبكر للوقف الاختياري، أو إلغاء الإعفاء الجمركي للألواح الشمسية ثنائية الوجه. وأضافت هوبر: «في حين أننا نمضي تجاه سلسلة توريد أكثر محلية، إلا أننا نرغب في تحقيق تقدم سريع فيما يتعلق بأهدافنا المناخية».

وتأتي هذه المخاوف في ضوء ازدياد قلق إدارة الرئيس بايدن من احتمالية إغراق الصين للولايات المتحدة بالألواح الشمسية، بسبب مشكلة القدرة الصناعية الفائضة التي تواجهها في سوقها المحلية.

وقال مسؤولون كبار بوزارة الخزانة لـ«فايننشال تايمز»، إن وفداً أوضح للمسؤولين الصينيين خلال زيارة إلى بكين أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيتخذون إجراءات إذا ما أغرقت الصين الأسواق الدولية بالسلع.

وقال أحد المسؤولين، إن الولايات المتحدة كانت أكثر قلقاً حيال الألواح الشمسية، والمركبات الكهربائية، وبطاريات أيونات الليثيوم.

وتنتج الصين ثلاثة أرباع الألواح الشمسية في العالم، وتتمتع بحصة أكبر من المدخلات، بما في ذلك البولي سيليكون والخلايا والرقاقات. ويتوقع أن تظل هيمنتها على تصنيع الألواح الشمسية بلا منازع إلى حد كبير حتى نهاية العقد الحالي.

كما ألقت تهديدات الجمهوريين بإلغاء أو تخفيف قانون الحد من التضخم، حالة من عدم اليقين على طموحات المصنعين الأمريكيين. 

وقال مسؤولون سابقون في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب لـ«فايننشال تايمز»، إن ترامب سيلغي قانون الحد من التضخم المعني بالمناخ إذا ما فاز بالانتخابات العامة في نوفمبر المقبل.

وفي حين لا تتوقع «فيرست سولار»، إلغاء قانون الحد من التضخم حال تنصيب إدارة من الحزب الجمهوري، لكن الشركة حذرت من أن فقدان الدعم وعدم كفاية التعريفات الجمركية تحمل في طياتها تحول الولايات المتحدة إلى أوروبا، حيث طغت الألواح الشمسية الصينية على السوق وأعاقت الموردين المحليين.

وفي يناير، أعلنت شركة ماير برجر السويسرية لتصنيع ألواح الطاقة الشمسية، إغلاق مصنعها في ألمانيا، وتركيز جهودها على تعزيز التصنيع في ولايتي كولورادو وأريزونا، بدعم قانون الحد من التضخم.

وقال جانتر إرفورت، الرئيس التنفيذي لشركة ماير برجر، لصحيفة فاينانشيال تايمز، إن الأوروبيين يفقدون هذه الصناعة الاستراتيجية.

وقال مارك فيدمار: «إذا أصبحنا كأوروبا، أي نفتح الأبواب على مصراعيها وتطغى الصين على هذه الصناعة، فسيكون ذلك مدمراً».

كلمات دالة:
  • FT

مصنعو الألواح الشمسية الأمريكيون في مهب رياح الواردات

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock