اخر الاخبارالمال والاعمال

مصاعب استثمارات الطاقة الخضراء تهدد أهداف بايدن المناخية

ft

تأجلت أو تعرضت للإلغاء مجموعة واسعة من استثمارات الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، بعد عام من إقرار واشنطن قانوناً رائداً بشأن المناخ. ويهدد ذلك بإعاقة مُستهدفات إدارة بايدن إزاء الانبعاثات.

لقد انطوى قانون خفض التضخم، الذي وقعه بايدن في أغسطس 2022، على إنفاق 370 مليار دولار لإزالة الكربون على وجه السرعة من أكبر اقتصاد بالعالم. وتضمّن القانون تخصيص مليارات الدولارات في صورة تخفيضات ضريبية جديدة، أو مُمددة أو مُوسعة للتكنولوجيا منخفضة الانبعاثات.

لكن الأسابيع الأخيرة شهدت إلغاء أو إبطاء شركات تقف وراء عدة استثمارات بالغة الأهمية، ومدعومة بالتسهيلات لخططها. وهذا الأسبوع، ألغت «أورستد»، أكبر مطور لطاقة الرياح البحرية في العالم، مشروعين لتوليد وتزويد 2.2 غيغاواط من الطاقة لنيوجيرسي. ووصفت أنيا-إيزابيل دوتزنراث، مديرة الطاقة منخفضة الكربون لدى «بريتيش بتروليوم»، في مؤتمر لـ«فايننشال تايمز»، قطاع طاقة الرياح البحرية في الولايات المتحدة بأنه «محطم في الأساس».

وتخلّت «جنرال موتورز» الأسبوع الماضي عن خططها لتصنيع 400,000 مركبة كهربائية بحلول منتصف العام المقبل، وأشارت إلى «تباطؤ النمو على المدى القريب». أما «فورد»، فقالت إنها أرجأت استثمارات قيمتها 12 مليار دولار في المركبات الكهربائية وسط «منحنى نمو مسطح مقارنة بما توقعته الصناعة وما رجحناه».

وترغب إدارة بايدن في استحواذ المركبات الكهربائية على نسبة 50% من إجمالي حجم مبيعات السيارات الجديدة بحلول 2030، وذلك مقارنة مع نسبة تقل عن 8% من السيارات المُباعة في الربع الثالث، بحسب بيانات «كوكس أوتوموتيف».

وفي أكتوبر الفائت، ألغت «نافيجيتور سي أو تو»، المدعومة من «بلاك روك»، مشروعاً لاحتجاز وتخزين الكربون بقيمة 3 مليارات دولار، بسبب ما وصفته بأنه «الطبيعة التي لا يمكن التنبؤ بها للعمليات التنظيمية والحكومية».

وتأتي عمليات الإرجاء والإلغاء رغم الدعم المالي الذي يقدمه قانون خفض التضخم. وتشمل الأسباب ارتفاع أسعار الفائدة، وقيود سلسلة التوريد، فضلاً عن العوائق التي لا تسمح بمشروعات جديدة للبنية الأساسية. وأشارت شركات إلى توقف بعض المشروعات بسبب نقص التوجيهات فيما يتعلق باللوائح الضريبية والقواعد الصارمة المفروضة على المحتوى المحلي في القانون الجديد.

وحفّزت هذه الإعلانات بعض المحللين على إعادة النظر في افتراضاتهم حول مدى قدرة الولايات المتحدة على تسريع خفض الانبعاثات، بموجب قانون خفض التضخم. وقال بين كينغ، المدير المشارك للطاقة والمناخ لدى مؤسسة «روديوم غروب» البحثية: «لا مفر تقريباً من العقبات التي ستواجه بعض هذه الصناعات الناشئة في طريقها نحو التوسع».

وتوقعت «روديوم» سابقاً انخفاض انبعاثات الغازات الدفيئة في الولايات المتحدة بنسبة 32% في 2030 في تقرير أولي نشرته في أغسطس 2022. وفي يوليو الماضي، راجعت المؤسسة البحثية توقعاتها بالخفض إلى تقليل الانبعاثات بنسبة 29% على الأقل، وأرجعت ذلك إلى النمو الاقتصادي الأسرع والأسعار الرخيصة للغاز الطبيعي، والتكاليف الأعلى طفيفاً للكهرباء، والتحديات التي تواجه تأسيس صناعات خضراء جديدة.

وأوضح كينغ أن قانون خفض التضخم وقبله قانون البنية التحتية الذي وافق عليه الحزبان بقيمة 1.2 تريليون دولار «ليسا كافيين بالمرة» لتحقيق الأهداف المناخية للولايات المتحدة، منوّهاً إلى أنّ مراجعة التوقعات على المدى القصير قد تكون ضرورية.

وتتطلع إدارة بايدن إلى توليد 30 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية بحلول 2030. وبخلاف «أورستد»، تخلت شركتا «أفانغريد» و«شل» للطاقة عن مشروعات في الأسابيع الأخيرة. وسلّطت «بلومبرغ إن إي إف» للاستشارات الضوء على إلغاء أكثر من نصف عقود توليد طاقة الرياح البحرية في الولايات المتحدة هذا العام أو أنها تواجه خطر الإلغاء.

وقال أتين جاين، كبير محللي طاقة الرياح لدى «بي إن إي إف»: «تبدو أهداف بايدن لطاقة الرياح البحرية مستحيلة في هذا الوقت». وخفضت الشركة توقعاتها لطاقة الرياح البحرية بقرابة 30% الشهر الماضي. وأضاف جاين: «من غير المُتوقع أيضاً أن تفي الولايات المتحدة بمُستهدف طاقة نظيفة بنسبة 80% بحلول 2030، حيث لن يضيف هذا البلد ما يكفي تقريباً من سعة طاقة الشمس والرياح لتحقيق هذا الهدف».

وتضررت كذلك مشروعات أخرى كبيرة الحجم لتوليد الطاقة من الرياح والشمس على البر من التكاليف التمويلية ذات الصلة بأسعار الفائدة والعملية الباهظة والمرهقة لربط توليد الكهرباء في الأماكن البعيدة بشبكة الكهرباء.

ولفت غريغوري ويتستون، رئيس المجلس الأمريكي للطاقة المتجددة، إلى أنه «رغم الفرص الهائلة المتاحة، إلا أنه تظل هناك تحديات جسيمة في السوق يجب حلها لتحقيق ما يبشر به قانون خفض التضخم ولكي تحقق إدارة بايدن هدف إزالة الكربون من قطاع الطاقة بحلول 2035».

وكان أكثر من 10,000 مشروع للطاقة النظيفة بانتظار ربطها بشبكة الكهرباء في نهاية 2022، وهو ما يعني سعة توليدية تبلغ حوالي 1,350 غيغاواط، إلى جانب سعة تخزينية قدرها 680 غيغاواط، بحسب تقرير نشره مختبر لورنس بيركلي الوطني.

ويستغرق مشروع نموذجي مؤسَس في 2022 خمس سنوات بين تقديم الطلب وعملية الربط بالعمليات التجارية، مقارنة بثلاث سنوات في 2015. وذهب التقرير إلى أن هذا التراكم والتأخير يزداد تدهوراً، مع دخول مشاريع أكثر على خط العمليات، مدفوعة بالتحفيزات التي يقدمها قانون خفض التضخم.

ويرى مارتن بوتشتاروك، الرئيس التنفيذي لشركة «هيليين» لتصنيع متطلبات توليد الطاقة الشمسية، أن «أكبر مشكلة في الولايات المتحدة بالوقت الراهن هي القدرة على توفير النقل والربط البيني». وأعلنت الشركة تشييد مصنع في مينيسوتا بقيمة 145 مليون دولار بعد توقيع قانون خفض التضخم. وأضاف بوتشتاروك: «تدفق الطاقة النظيفة سيكون أسرع إذا حُلّت هذه المشكلات».

وتمضي الاستثمارات في المجال قدماً رغم تباطؤ استثمارات أخرى مهمة. وحصلت «دومينيون إنرجي» للمرافق على موافقة الجهات التنظيمية هذا الأسبوع لبناء مزرعة طاقة رياح بحرية لتوليد 2.6 غيغاواط في ولاية فيرجينيا. وأعلنت «تويوتا»، أكبر مصنعة للسيارات عالمياً، أنها بصدد استثمار 8 مليارات دولار في مصنع لإنتاج البطاريات في كارولاينا الشمالية. وأوضحت ماري بارا، الرئيس التنفيذي لدى «جنرال موتورز»، لمحللين، أن الشركة «ملتزمة للغاية بمستقبل ليس به سوى المركبات الكهربائية».

وأعلن البيت الأبيض أن قانون خفض التضخم فتح الباب أمام مستويات تاريخية من استثمارات القطاع الخاص في الطاقة الخضراء، بما في ذلك 11 مليار دولار في تصنيع متطلبات الطاقة الشمسية و7.7 مليارات لاستثمارات في مجال طاقة الرياح البحرية. وصرح ناطق بلسان إدارة بايدن: «بخفضها العوائق أمام القطاع الخاص، تعيد اقتصاديات بايدن تنشيط قطاع التصنيع الأمريكي وتخفض التكاليف وتعزز أمن الطاقة، كما تخلق وظائف برواتب جيدة، خاصة في المجتمعات منخفضة الدخل والطاقة».

وترجح ميشيل سولومون، كبيرة محللي السياسات لدى «إنرجي إنوفيشن»، أن تكون الصعوبات الاقتصادية مجرد «عَرَض مؤقت» للطاقة المتجددة، معتبرة أن الأدوات التنظيمية متاحة ما يجعل تحقيق مستهدفات الانبعاثات ممكناً.

وقالت سولومون: «تبقى الطاقة النظيفة استثماراً جيداً للغاية، رغم أنه بات أكبر طفيفاً عما كان عليه سابقاً»، مضيفة أن منشآت الطاقة النظيفة يتوقع لها أن تزداد في 2023. وأضافت: «ما زال أمامنا مسارات كثيرة توصلنا في النهاية إلى أهداف الانبعاثات لعام 2030، طالما أننا نعزز هذه العوامل التي بإمكانها تسريع نمو وتوسع الطاقة المتجددة».

كلمات دالة:
  • FT

مصاعب استثمارات الطاقة الخضراء تهدد أهداف بايدن المناخية

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock