اخر الاخبارالمال والاعمال

مسار مضطرب لانخفاض التضخم في الولايات المتحدة

ft

يتطلب تغيير إجماع السوق تقريراً ساخناً للغاية لمؤشر أسعار المستهلكين، لكن تقرير التضخم في الولايات المتحدة كان معتدلاً وهادئاً، كما لم تتحرك عوائد السندات لأجل عامين شديدة الحساسية للبيانات الاقتصادية المرتقبة، لكن التقرير، مع ذلك، احتوى على تلميحات عدة مثيرة للاهتمام حيال الطريقة التي يتبعها التضخم في مسار انخفاضه.

أولاً، تراجعت أسعار السلع الأساسية 0.3 % على أساس شهري، كما أن انكماش أسعار السلع مثل سمة لتقارير التضخم طيلة نصف عام، مدفوعاً بصفة خاصة بانحسار أسعار السيارات المستعملة، مع أنه في هذه المرة، ارتفعت أسعار السيارات والشاحنات المستعملة 1.6 % في نوفمبر، لتكون أول زيادة شهرية منذ مايو.

ويرى بعض المحللين أن الخصومات ذات الصلة بالعطلات كانت عاملاً مهماً وراء ذلك.

العنصر التالي هو المأوى، إذ يفترض أن يحذو تضخم الإيجارات بمؤشر أسعار المستهلكين حذو انخفاض الإيجارات في السوق الخاصة، مع إدخال عقود الإيجار حديثة التوقيع في البيانات الرسمية. لكن العملية تستغرق وقتاً أطول مما هو متوقع.

وارتفعت الإيجارات 0.4 % في نوفمبر، بزيادة طفيفة عن الشهر السابق. ولفت كارل ريكادونا، الخبير الاقتصادي لدى «بي إن بي باريبا»: «لم نختبر هذه العلاقة على مدى دورات عدة» وفي نهاية المطاف، من المفترض انخفاض تضخم السكن على نحو حاد. ويحتفظ باحثون لدى جامعة ولاية بنسلفانيا بنموذج حي للتضخم، معدل باستخدام بيانات الإيجار في السوق بالوقت الفعلي.

وبعد إجراء هذه التعديلات، نجد أن التضخم الأساسي عاد بالفعل إلى مستهدفه. وأخيراً، قفزت الخدمات غير ذات الصلة بالسكن، أو ما يعرف بالتضخم الأساسي الفائق، إلى 0.4 % في نوفمبر من 0. 2 % في أكتوبر.

والعامل الذي يقف وراء هذه الزيادة كان ارتفاع كبير غير طبيعي بأسعار الرعاية الطبية التي زادت 0.6 %. وبرغم تباطؤ طفيف، واصل تضخم التأمين على السيارات تصاعده بلا هوادة، فصعد 1 % في نوفمبر وإذا جمعنا كل ذلك معاً، تقدم هذه النقاط لمحة عن السبب وراء غياب السلاسة عن انخفاض التضخم.

وأكد الاحتياطي الفيدرالي، أنه سيتجاوز عن تراجع تضخم السلع، مع استغراق تضخم السكن وقتاً للانحسار، ووسط التقلبات الشديدة التي تكتنف الخدمات غير السكنية. ولا يخالف أي من هذا بالضرورة وجهة النظر التي تذهب إلى أن التضخم في طريقه نحو مستويات قريبة من المستهدف البالغ 2 % على نحو مستدام، لكن غياب الوضوح يمنح المتشددين داخل الفيدرالي سبباً لعدم التعجل. إن البيانات تشير إلى ارتفاع التقلبات الضمنية في أسعار الفائدة الأمريكية مقارنة بالتقلبات المرجحة في الأسهم الأمريكية، عما كانت عليه منذ قرابة 30 عاماً.

ومن وجهة نظر معينة، فليس من الغريب أن تكون تقلبات الأسهم بهذا الانخفاض، أو «رخيصة»، إذا ما استخدمنا لغة سوق المشتقات، ونحن نعيش حالياً مرحلة انتقالية في السياسة النقدية، تتبع أكثر الحوادث التضخمية قوة منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي.

لكن ما ستشهده الفوائد بعد ذلك يظل غير أكيد. وفي الوقت ذاته، يتباطأ الاقتصاد لكن من مستويات مرتفعة وعلى نحو منظم. وعلى هذا الأساس، ستكون الأسهم في وضع جيد أياً ما كان اتجاه الفائدة، ما لم تشهد انهياراً إثر الركود.إن التباعد بين التقلبين غريب للغاية. والتقلبات في تكلفة المال يجب أن تظهر، بطريقة أو بأخرى، في تقلبات الأسهم.

وقدم نيتين ساكسينا، رئيس بحوث مشتقات الأسهم الأمريكية لدى «بنك أوف أمريكا»، تفسيرات عدة لهذه الفجوة:

• الأساسيات ربما تبرر الأمر.

• انعكاس للعرض والطلب على خيارات الفائدة والأسهم حيث يؤدي البيع الكثيف لخيارات الأسهم، مثل استراتيجيات خيار الشراء المغطاة الشائعة على نحو متزايد، إلى خفض أسعارها ما يسفر بالتالي عن تقلبات بالأسهم.

• عوامل فنية أو «ميكانيكية» تكبح تقلبات الأسهم. مثال على ذلك انخفاض الارتباط بين مكونات «إس آند بي 500» هذا العام، ما يعني أن التحركات الفردية للأسهم تلغي بعضها بعضاً، ما يقلل من التقلبات على مستوى المؤشر.

• تقلبات الفوائد تعكس على نحو واسع عدم اليقين الاقتصادي الحالي، لكن تقلب الأسهم أصبح «غير مبالى» به، لأن المستثمرين في الأسهم «اعتادوا بمرور الأعوام الشراء عند انخفاض السعر والخوف من الخطر الصعودي أكثر من ذلك الهبوطي».

وقال ساكسينا: ستحتاج الأسهم لأن تظل على «عارضة توازن» الهبوط السلس وتفادي تعرضها للإطاحة بها من قبل إما الركود أو بقاء الفائدة مرتفعة لمدة أطول وهما يؤديان تاريخياً إلى تقلبات في الأسهم. وعلى مستوى السهم الفردي، سيحتاج «الابتعاد التام» عن أسهم التكنولوجيا السبعة الكبار والاتجاه للمتخلفين عن ركب المكاسب هذا العام أن يكون طاغياً، بما أن بدائل هذه الأسهم:

• ستصبح أفضل وستتداول عند مكررات ربحية أعلى.

• ستنفجر فقاعة أسهم التكنولوجيا الكبيرة السبعة، وسيؤدي كلاهما إلى ارتفاع تقلبات الأسهم.

وأكدت إيمي وو سيلفرمان، الخبيرة الاستراتيجية في مشتقات الأسهم لدى «آر بي سي كابيتال ماركتس»، على مشكلة التوقيت، فأوضحت أنه من منظور الأصول المتعددة، من المغري القول إن «تقلبات الأسهم تبدو رخيصة» مقارنة بتقلبات الفوائد، لكن الحقيقة تنطوي على إمكانية البقاء في إطار العمل هذا لفترة طويلة وثمة مشكلة دائمة الوجود في عالم (تداول المشتقات) وهي أننا لا نعرف «متى تتوقف الموسيقى عن العزف».

كلمات دالة:
  • FT

مسار مضطرب لانخفاض التضخم في الولايات المتحدة

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock