اخر الاخبارالمال والاعمال

في رياضة التسلّق دروس للمستثمرين في سوق الأسهم

ft

عند نقطة ما، أتمكن من توجيه دفة معظم المحادثات نحو هواياتي المفضلة، ومن بينها التسلّق. أنا لست بارعة للغاية فيه، لكنني أحاول جاهدة، وأنا أطرح هذا الموضوع، لأن أحد الأسباب العديدة التي تجعلني غير جيدة فيه، هو شعوري بالخوف.

وتبدو مناورات مثل التمدد الكبير، أو قفزة الثقة للنقطة التالية، أو بعض حركات القدم الخطيرة، أسهل بكثير، عندما تكون على بعد نصف متر من الأرض، بدلاً من ثلاثة أمتار، هي نفس الحركات في أسفل الجدار، لكن في الأعلى، يبدو الأمر أصعب بكثير (هذا كله في التسلق الحر، فالحبال ليست من اهتماماتي).

يتقدم المتسلقون الأفضل مني، ويقومون بالحركة على أية حال، آمنين بمعرفة أنهم إما سينجحون، أو إذا لزم الأمر، فإن الوسائد الناعمة ستخفف من وطأة السقوط، أما أنا، فأصبحت أكثر عرضة للانسحاب والتسلق للأسفل. وإذا لم يكن هذا تشبيهاً مبالغاً فيه، فأنا أزعم أن المستثمرين يواجهون تحدياً مماثلاً الآن.

تشهد الأسهم ارتفاعاً ملحوظاً، لاسيما في الولايات المتحدة، ما يصيب الناس بالتوتر. وقال جو ديفيس رئيس مجموعة استراتيجية الاستثمار العالمية في فانغارد: «كل شيء يسير في اتجاه واحد، وهذا يقلقني، نعم أشعر بالقلق عندما يبدو أن السوق يقوم بتسعير كامل لسيناريو واحد، سواء كان جيداً أم سيئاً، لكن المستثمرين يحتاجون إلى الاستمرار في الاستثمار». وأضاف: «تجنب فئة الأصول هذه لمجرد أن المؤشرات الرئيسة تتصاعد في الواقع لا معنى له».

وقال دنكان لامونت رئيس قسم الأبحاث الاستراتيجية في شركة شرودرز في مدونة حديثة: لا ينبغي لنا الخوف من الاستثمار، عندما تكون الأسهم عند مستويات قياسية أو قريبة منها، وقد صل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في منتصف ديسمبر، ومنذ ذلك الحين، حقق مكاسب إضافية بنسبة 7.5 %، ما دفع العديد من المستثمرين لاستشعار التوتر حيال احتمال حدوث انخفاض، كما كتب لامونت، وهذا بدوره، يثني المستثمرين عن سحب الأموال من صناديق الطوارئ الخاصة بهم بالعملات النقدية، واستثمارها في الأسهم.

يشير التاريخ إلى أنه لا ينبغي ذلك، ويقدر لامونت أن الأسهم الأمريكية كانت عند أعلى مستوى لها على الإطلاق في 30 % من الأشهر التي مضت منذ عام 1926، وعددها 1176 شهراً، وفي أحسن الأحوال، يكون أداء السوق أفضل قليلاً في الأشهر الإثني عشر التالية لتسجيل رقم قياسي، حيث يحقق عائداً يزيد على التضخم بنسبة 10.3%، مقارنة بنسبة 8.6% في بقية الأوقات.

ينطبق أيضاً القول المأثور بأن المهم في السوق هو الوقت، وليس توقيت السوق، لذا، فإن لمقاومة إغراء الخروج من الأسهم في وقت الارتفاعات القياسية فوائد مجدية. ويشير لامونت، إلى أن التحول إلى النقد عند تلك المستويات، يفقد على مدى 10 سنوات، 23% من الثروة. وتابع موضحاً: «قد تكون ثمة أسباب وجيهة لكره الأسهم، ولكن لا ينبغي أن يكون أحد هذه الأسباب، أن يكون السوق في أعلى مستوى له على الإطلاق، ومع ذلك، حتى في هذه النقطة، يصبح من الصعب تبرير كره الأسهم».

لقد كانت نتائج شركة إنفيديا العملاقة للرقائق الإلكترونية، التي صدرت أواخر فبراير، على حد قول أحد المصرفيين «لحظة حاسمة»، للمجموعة المتضائلة من المضاربين على الانخفاض في سوق الأسهم.

وتساءل المستثمرون علانية وبشكل مقبول، عما إذا كان صعود السهم بنسبة 250% على مدار العام الماضي أو نحو ذلك، هو أمر حقيقي، أم مجرد فقاعة غبار، لكن نتائج الشركة أسكتت المشككين، إذ حقّقت الشركة ارتفاعاً مذهلاً في الإيرادات ربع السنوية بنسبة 265%، لتصل إلى 22.1 مليار دولار، ما يتجاوز حتى التقديرات المتفائلة لمحللي وول ستريت.

وأعلن الرئيس التنفيذي جينسن هوانج، عن «نقطة تحول» في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وارتفعت الأسهم بنسبة 17 %، ما رفع القيمة السوقية للشركة بنحو 2 تريليون دولار.

وحتى قبل نتائج إنفيديا، كان بنك غولدمان ساكس قد رفع بالفعل هدفه لنقطة ارتفاع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 هذا العام إلى 5200، بعد أن رفعه إلى 5100 فقط في ديسمبر، ووضعه في البداية عند 4700 قبل أسابيع فقط. والمؤشر الآن يزيد قليلاً على 5000. كما يشجع بنك «يو بي إس» أيضاً حقيقة أن أرباح شركات التكنولوجيا تلحق بركب تقييمات الأسهم المرتفعة للغاية.

وكتبت سوليتا مارسيلي، رئيسة قسم الاستثمار في الأمريكتين لدى بنك «يو بي إس» لإدارة الثروات، في مذكرة حديثة: «تأتي نتائج إنفيديا كبشرى سارة لمؤيدي الذكاء الاصطناعي، حيث تحسنت التوقعات بشكل ملحوظ، بعد الارتفاع القوي حتى الآن في الأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، ورغم التقدم بنسبة 24 % في مؤشر ناسداك، الذي يركز على التكنولوجيا منذ أواخر أكتوبر من العام الماضي، ما زلنا نرى إمكانات لتحقيق مزيد من المكاسب في أسهم التكنولوجيا، خاصة تلك التي ستستفيد من ثورة الذكاء الاصطناعي».

ويصعب على المستثمرين تحقيق القفزة التالية في الأسهم الأمريكية، نظراً لارتفاعها الشديد بالفعل، لكن عبء الإثبات يقع على عاتق المضاربين، لتوضيح ما يمكن أن يدفع أسهم التكنولوجيا إلى الانخفاض، بالنسبة للعديد، قد يكون التغيير في طريقة التفكير ضرورياً.

في أواخر الشهر الماضي، قال مايكل ستروبيك رئيس قسم الاستثمار العالمي في لومبارد أودييه، إنه رفع بشكل ملحوظ مخصصاته للأسهم الأمريكية، مضيفاً أن التقييمات المرتفعة لم تردعه. وأوضح: «ثمة معركة اقتصادية جيوسياسية بدأت تتصاعد بين القوى العظمى، واعتقد بصراحة أن التكنولوجيا الأمريكية هي حصون جيواستراتيجية للاقتصاد الأمريكي، للبقاء في صدارة هذه المعركة».

وفي عام الانتخابات الأمريكية، قد يكون هذا بمثابة عدسة مفيدة، يمكن من خلالها رؤية هذه الأسهم، حتى في أعلى مستوياتها. عموماً، في النهاية، لم أصب بأذى حقيقي قط من السقوط من أعلى الجدار.

كلمات دالة:
  • FT

في رياضة التسلّق دروس للمستثمرين في سوق الأسهم

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock