اخر الاخبارالمال والاعمال

عوامل مهمة يتعيّن على المستثمرين في الأسهم وضعها في اعتبارهم

ft

من واقع خبرتي، إذا كنت تحب خوض جدالات طويلة مع مديري الصناديق، فتتمثل واحدة من أفضل الطرق لفعل ذلك في بدء نقاش عن الاستثمار السلبي.

ويميل مديرو الأصول، إما إلى محبة الأمر، أو الانزعاج منه للغاية، فهم يجنون لقمة عيشهم من اختيار الأسهم، بينما تلتهم الصناديق التي تتبع مؤشرات البورصة هذه اللقمة، ما يحط من قدر خبرتهم.

لكن، بطبيعة الحال، ثمّة طريقة ثالثة تقع ما بين ضخ أموالك في مؤشر للأسهم لقاء رسوم ضئيلة من ناحية، أو دفع أموال كثيرة لمدير نشط على أمل اختياره الأسهم المناسبة من الناحية الأخرى، وهي استراتيجية «الاستثمار في العوامل».

وتكمن الفكرة وراء هذه الاستراتيجية في ربط مجموعة من الأسهم معاً وفق سلوكها أو نوعية الشركات المرتبطة بها، وليس وفق دولة أو صناعة ما، لذلك بدلاً من جمع الأسهم ذات الصلة بقطاع التكنولوجيا أو الطاقة أو السلع الاستهلاكية على سبيل المثال، فإنك تستثمر في أسهم ذات خصائص متماثلة، مثل القيمة (أي انخفاض مضاعف القيمة السوقية إلى القيمة الدفترية) أو الأسهم التي تسلك مساراً مرتفعاً واضحاً، أو الأسهم المرتبطة بشركات أصغر بدلاً من تلك الكبرى.

من الناحية النظرية، يعد الوقت الراهن هو أفضل توقيت لاتباع مثل هذا النوع من الاستثمار، حيث يعد هذا النوع أرخص للمستخدم النهائي من فن الإدارة النشطة، ويُقصد به أسلوب استثمار يعتبره المشككون مغالاة لا طائل منها، ومع ذلك فهذا النوع سيكون أفضل في انتقاء الفائزين والخاسرين في بيئة أوسع نطاقاً، مقارنة بمجرد تتبع المؤشرات الوطنية.

وتشير بيانات «إل إس إي جي ليبر» إلى ضخ تريليوني دولار بالفعل في الصناديق المتداولة في البورصة العاملة باستراتيجية عوامل الاستثمار، أنشأها مئات مقدمي الخدمات في عشرات الأسواق حول العالم، لتشكل خُمس الأصول المدارة في الصناديق المتداولة في البورصة.

لكن يجدر بنا طرح تساؤل عما إذا كانت استراتيجيات الاستثمار في العوامل تفلح في هذا الصدد، فقد ظلت هذه النقطة محل جدالات طيلة عقود، وغالباً ما يتلخص الأمر في ملاحظة أن ما ينجح عند التمعن في التدقيق بالبيانات في بيئة الاختبار المسبق ينهار عند اتصاله بالعالم الحقيقي عندما يخضع للمراجحة أو تتلاطمه التحولات سريعة الزوال لسلوكيات المستثمرين.

وتحاول حولية عوائد الاستثمار الأخيرة، الصادرة عن «يو بي إس»، وهي في عامها الـ25 حالياً وتستند إلى بيانات تمتد حتى 124 عاماً، الإجابة عن التساؤل بتتبع أداء عدة استراتيجيات لعوامل الاستثمار على مدى عدة عقود. وعلى المدى الطويل، أظهرت استراتيجيات الاستثمار في العوامل عوائد نسبية جيدة عند تقسيم الأداء على مدى عقود تعود إلى عام 1900، بيد أن المشهد على المدى القريب ليس جيداً. كشفت الدراسة أن عام 2023 كان قاسياً على وجه التحديد على استراتيجيات عوامل الاستثمار في الولايات المتحدة. وشهدت العوامل الخمسة الأساسية، وهي الاستثمار القائم على الزخم (أو ملاحقة الأسهم الرابحة) والاستثمارات الضئيلة، والقيمة، والدخل المرتفع وانخفاض التقلبات، خسائر مقارنة بأداء الرهانات المتجهة في الناحية المعاكسة. وتخلّف الاستثمار القائم على الزخم بنسبة 1.6%، بينما تأخر الاستثمار المهتم بالتقلبات المنخفضة بنحو 32.4% من الناحية الأخرى، لكن لم يكن هذا هو الوضع في كل الأحوال، ففي المملكة المتحدة، تمتعت استراتيجيات الاستثمار في العوامل بوضع أفضل إلى حد ما، إذ تفوقت عليها الاستثمارات القائمة على الزخم بنسبة 12.4%، وحققت الاستثمارات المهتمة بالقيمة والحجم علاوات إيجابية، في حين أخفقت الاستثمارات القائمة على الدخل والتقلبات المنخفضة.

ويعد هذا النوع من التضارب مهماً، حيث يتغير ترتيب العوامل الرئيسة أمام بعضها بعضاً على نحو كبير بين عام وآخر، ولا يُظهر أي اتساق بين مختلف البلدان. وحسب إشارة التقرير الذي ألفه إلروي ديمسون وبول مارش ومايك ستونتون، فإن تكرار ميل مختلف العوامل إلى تراجع الأداء يعني أن «عوامل الاستثمار استراتيجية على المدى الطويل في أفضل الحالات».

الأهم من ذلك هو صعوبة التنبؤ بصورة يقينية بماهية العامل الذي سيبلي حسناً في أي فترة مستقبلاً. قد تظن أن الأداء الضعيف لعامل ما خلال عام أو في بضعة أعوام يمهد الطريق أمام تعافيه في العام التالي، لكن تشي الدراسة بأن الأمر ليس كذلك، إذا ما نظرنا إلى عامل القيمة على وجه الخصوص. سجلت أسهم النمو مكاسب كبيرة مقارنة بأسهم القيمة في الأعوام الأخيرة، لكن قال مؤلفو الدراسة إنهم «لم يعثروا على أي علاقة» بين الوقائع السابقة التي اتسعت فيها الفجوات وتعافيها اللاحق. وكتبوا: «وكما هو الحال مع كل إشارات التوقيت الميكانيكي، فإنها تعطي الكثير من قرارات البيع والشراء السابقة لأوانها».

وبكل بساطة، فإن عامل القيمة سيئ، فقد كانت القيمة هي أسوأ العوامل الرئيسة أداءً في نحو ثلث الوقت، استناداً إلى البيانات بين 2008 و2023 في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. والأسوأ من ذلك أن الاستثمار القائم على القيمة قد يدفع بالمستثمرين الذين يتبنون استراتيجية الشراء والاحتفاظ غارقين في وضع غير مواتٍ طيلة عقود، إثر طول أمد العلاوات السالبة المتعاقبة أو ضعف الأداء مقارنة بالاستثمار الذي يركز على أسهم النمو. تسبب هذا العامل في 37 عاماً متعاقبة من العلاوات السالبة حتى 2023. وفي المملكة المتحدة، كانت الـ34 عاماً المنتهية في عام 2000 هي أطول مدة من الأداء المنخفض.

من المستبعد بطبيعة الحال أن يتوقف العمل باستراتيجية عوامل الاستثمار، رغم كونها «مخيبة للآمال» كما أشارت الدراسة على نحو جاف. تمثل هذه الاستراتيجية طريقة مفيدة للمستثمرين في قياس الأداء. لكن، وكما خلصت الورقة البحثية: «من الصعوبة بمكان تحديد ما إذا كانت ستولّد علاوات في المستقبل». أما هؤلاء الذين يسعون وراء حيلة سحرية للتغلب على السوق، فحري بهم التجول بأنظارهم في استراتيجيات أخرى.

كلمات دالة:
  • FT

عوامل مهمة يتعيّن على المستثمرين في الأسهم وضعها في اعتبارهم

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock