اخر الاخبارالمال والاعمال

صانعو السياسات تحت ضغوط انخفاض التضخم وتباطؤ اقتصادات «السبع»

ft

من المرجح بدء كبرى المصارف المركزية خفض أسعار الفائدة خلال العام الجاري، إذ يحفز انخفاض التضخم التوقعات بين المستثمرين وخبراء الاقتصاد بالسيطرة على الأسعار.

وأوقف الاحتياطي الفيدرالي والمركزي الأوروبي ومصرف إنجلترا، برامج تشديد السياسة النقدية خلال النصف الثاني من العام الماضي، بعدما استهلوا العام في خضم زيادات متشددة للفائدة. واليوم، ومع تراجع معدلات التضخم العام في أجزاء كبيرة من مجموعة السبع الصناعية وتباطؤ الاقتصادات، يُرجَّح ازدياد الضغوط على صانعي السياسة لخفض تكاليف الاقتراض.

وتوقع نيل شيرينغ، كبير الاقتصاديين لدى «كابيتال إكونوميكس»، التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها: «استمرار انحسار التضخم على نحو يتجاوز توقعات المصارف المركزية»، مشيراً في هذا السياق إلى النمو الآخذ في الضعف، وكذلك انحسار التشوهات الناجمة عن جائحة (كوفيد 19) وأزمة الطاقة العالمية.

وتابع شيرينغ: «السياسات شديدة التقييد في الوقت الراهن، ما يعني أن بإمكان المصارف المركزية تيسيرها دون أن تكون بالضرورة معززة للنمو. لنفكّر في الأمر على أنه ضغط أخف وطأة على المكابح وليس ضغطاً شديداً على دواسة الوقود».

ويراهن المستثمرون على خفض الفيدرالي للفائدة للمرة الأولى في شهر مارس القادم، وأن تتبع القرار خمسة تخفيضات، كل منها بمقدار ربع نقطة، خلال العام، بحسب توقعات السوق. ويرجحون أيضاً ستة تخفيضات من جانب المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا خلال 2024، على أن يبدأ الأول في مارس أو أبريل، والأخير في مايو.

كانت الأسواق المالية اختتمت عام 2023 على صعود حاد، إذ أصبح المستثمرون أكثر ثقة في استعداد الفيدرالي لبدء السياسات التيسيرية، في أعقاب قراره في 14 ديسمبر بتثبيتها. ودفعت المكاسب، مؤشر «إم إس سي آي العالمي»، وهو مقياس للأسهم العالمية، نحو تحقيق أفضل أداء سنوي منذ 2019.

لكن اللحظة الفارقة جاءت مع اجتماع الفيدرالي في ديسمبر، عندما أصدر تقديراته، التي أظهرت توقع المسؤولين خفض معدل الفائدة القياسي على الأموال الفيدرالية بواقع 75 نقطة أساس على مر الـ 12 شهراً المقبلة. وتسجل الفائدة حالياً أعلى مستوياتها منذ 22 عاماً، وتتراوح بين %5.25 و%5.5.

وخلال حديثه في الاجتماع، أخفق جيروم باول، رئيس الفيدرالي، في دحض توقعات السوق بتخفيضات حادة للفائدة في 2024، وصرح بأن المركزي الأمريكي «على دراية بخطر انتظارنا لمدة طويلة للغاية»، عبر الإبقاء على السياسة متشددة للغاية، وأردف: «نعرف بأن ذلك خطر، ونحن نركز بشدة على ألا نقترف هذا الخطأ».

ولاحقاً، سعى مسؤولون آخرون بالاحتياطي الفيدرالي، منهم جون وليامز، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، إلى قدر من التثبيط للتكهنات بشأن الخفض المبكر للفائدة، لكن المستثمرين بدوا واثقين من أن المصرف فعل الكثير بما يكفي لكي يبدأ السياسة التيسيرية.

وأدّى تراجع نمو الأسعار في نوفمبر إلى انخفاض معدل تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية، الذي يستثني الطاقة والغذاء، إلى 1.9%، أي أنه سجل مستويات دون المُستهدف الرسمي لتضخم المركزي البالغ 2%. وقال توماش فيلاديك، الخبير الاقتصادي لدى «تي رو برايس» لإدارة الاستثمارات: «يحتاج الاحتياطي الفيدرالي لتبني نهج أكثر استشرافاً للمستقبل في وضع السياسة النقدية، من أجل تحقيق الهبوط السلس، وزيادة احتمالية الإبقاء على التوظيف الكامل، مع استمرار تراجع التضخم». ولفت فيلاديك إلى أن السياسة النقدية ستظل في «المنطقة التقييدية»، حتى بعد الخفض الأول للفائدة، مضيفاً: «تسمح ديناميكيات التضخم بذلك، بكل تأكيد، وتبرر كذلك خفض الفائدة في مارس 2024».

ومع ذلك، فإن المصارف المركزية، بسماحها بتيسير الأوضاع المالية، تخاطر بتحفيز النمو وزيادة أسعار الأصول، ما سيمنح التضخم جولة ثانية. وقد تبنى المركزي الأوروبي ومصرف إنجلترا، لهجة أكثر تشدداً من باول، فأشار كلاهما في ديسمبر إلى أن الوقت مبكر للغاية لتهدئة حدة المعركة ضد التضخم.

وتباطأ الضخم في منطقة اليورو إلى 2.4% في نوفمبر، ما يقل كثيراً عن قمته التي تخطت 10% منذ عام، وليقترب بذلك من مُستهدف المركزي الأوروبي البالغ 2%. لكن يظل خبراء الاقتصاد على دراية بخطر تجدد زيادة الأسعار. وأظهر استطلاع أجرته «فاينانشال تايمز» أن غالبية خبراء الاقتصاد المشمولين بالاستطلاع، يتوقعون بدء المركزي الأوروبي في خفض الفائدة بحلول الربع الثاني من 2024، لكن رجح اثنان فقط اتخاذه الخطوة في وقت أبكر، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام.

وقال فيلاديك: «أعتقد بأن المركزي الأوروبي سيخفض الفائدة على الأرجح في يونيو 2024»، وأسهب: «ما زالت البيانات، كنمو الأجور المُتفاوض عليها وأجر كل موظف وتكاليف وحدة العمل، تشير كلها ضمناً إلى استمرار ارتفاع التضخم على المدى المتوسط».

ويواجه مصرف إنجلترا دعوات للإقرار بالتقدم المُحرز في المعركة ضد التضخم، بعد انخفاض حاد لمعدل نمو أسعار المستهلكين إلى 3.9% في نوفمبر، متراجعاً من مستوى مرتفع زاد عن 11% في أكتوبر 2022. وزادت الضغوط على البنك بعد انكماش الاقتصاد في الربع الثالث.

وقال جوناثان هاسكل، وهو واحد من الأعضاء المتشددين داخل لجنة السياسة النقدية في مصرف إنجلترا، لاحقاً على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»، إن البيانات حوت «تطورات جديدة»، حيث أظهرت انحساراً لمقياس مهم وهو تضخم الخدمات، لكنه أصر مع ذلك على وجوب عدم تحديد السياسات حصراً، بالاستناد إلى مجموعة واحدة من البيانات.

من جانبه، يرى أندرو غودوين، كبير خبراء الاقتصاد البريطانيين لدى «أوكسفورد إيكونوميكس» للاستشارات، أن قراءة التضخم في نوفمبر من شأنها أن «تغير قواعد اللعبة» بالنسبة للسياسة النقدية للمملكة المتحدة، مضيفاً أنه يتوقع بدء بنك إنجلترا خفض الفائدة في مايو، رغم كون البنك قلقاً بشأن المفاوضات المرتقبة حول الأجور.

وصرح جيريمي هانت، وزير الخزانة بالمملكة المتحدة، لـ «فاينانشال تايمز»، في أواخر ديسمبر: «هناك احتمالية معقولة بقدرتنا على خفض التضخم، إن التزمنا بمسارنا الحالي، ويقرر بنك إنجلترا أن بإمكانه البدء في خفض أسعار الفائدة».

لكن نيل شيرينغ يرى بأن تراجع التضخم كان أكثر تقدماً في الولايات المتحدة منه في أوروبا، ما قد يتيح للاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة في وقت أقرب من بعض نظرائه. لكن، في ضوء انخفاض التضخم الأساسي، قال شيرينغ إن 2024 سيكون العام الذي يتحول فيه مسار الفائدة في أرجاء دول العالم المتقدم على الأرجح.

كلمات دالة:
  • FT

صانعو السياسات تحت ضغوط انخفاض التضخم وتباطؤ اقتصادات «السبع»

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock