اخر الاخبارالمال والاعمال

رهان «بنك أوف أمريكا» على عمليات التداول يؤتي ثماره

ft

بدأ النظام المعادل لنظام الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية «نوراد» لدى «بنك أوف أمريكا»، إطلاق أضوائه التحذيرية في سنة 2021. ونظام «غلاس»، وهو منصة تحليلات السوق لدى «بنك أوف أمريكا» مُدرب على التنبؤ بالتقلبات، ويُطلق عليه «نوراد» داخل البنك، تيمناً بنظام الدفاع الجوي، وحينما أشار هذا النظام إلى زيادة حادة في أسعار الفائدة قصيرة الأجل، تغيرت مراكز حافظة التداولات لدى «بنك أوف أمريكا» إثر ذلك، وأوصى البنك عملاءه بفعل الأمر ذاته.

وبنظرة إلى الوراء، كان هذا قراراً جيداً للغاية بالنسبة للسوق، إذ شرع الاحتياط الفيدرالي في إقرار مجموعة من زيادات الفائدة التي أخذت المستثمرين على حين غرة. ويشير القرار أيضاً إلى نقطة مضيئة نادرة لـ«بنك أوف أمريكا»، في عام تعرضت فيه بقية أعماله، ومحفظة استثماراته أيضاً، لضغوط جراء ارتفاع الفائدة.

وزادت إيرادات «بنك أوف أمريكا» من مبيعاته وأعمال التداول بمقدار 1.1 مليار دولار، أو %9، في الأشهر التسعة الأولى من العام على أساس سنوي. وفاق ذلك أداء منافسين، ومنهم «سيتي غروب» و«جيه بي مورغان تشيس» و«غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي»، الذين شهدوا انخفاضاً للإيرادات تراوح بين %3 و%13 في أعمالهم بالأسواق. ويرى جيسون غولدبيرغ، المحلل المصرفي لدى «باركليز» أن «إيرادات التداول ستبلغ رقماً قياسياً لدى بنك أوف أمريكا، لن يبلغ أي من المصارف الأخرى هذا المستوى».

وقد راهن برايان موينيهان، الرئيس التنفيذي لـ«بنك أوف أمريكا»، قبل ثلاثة أعوام، على مبيعات المصرف وقسم التداول لديه، على الرغم من أن أشهر المسؤولين التنفيذيين، توم مونتاج، كان في طريقه إلى الرحيل. وأمسك واحد من مساعدي مونتاج السابقين، وهو جيم ديمار، بزمام أعمال الأسواق لدى «بنك أوف أمريكا»، وأقنع موينيهان في أواخر سنة 2020 بضخ قدر من ودائع حقبة الجائحة التي تدفقت إلى المصرف، للاستثمار في أعمال التداول.

وعلى هذا النهج، وحّد ديمار مكاتب التداول، ووظّف كارلوس فيرنانديز-ألير، الشريك السابق لدى «غولدمان ساكس»، لإدارة تداولات العملات، كما ضاعف المصرف اهتمامه بالسلع، فوسّع تداولاته في المعادن المُستخدمة في البطاريات وغيرها من المواد الانتقالية منخفضة الكربون.

وقال ديمار: «لا يتعلق نجاحنا بصفقة تداول واحدة، أو تحمل مزيد من الأخطار، ولكن ما أنا متأكد منه أن العملاء يكافئونك حينما تقدم لهم أفكاراً جيدة».

وتزايدت الأخطار التي خاض فيها «بنك أوف أمريكا» مع نمو حجم أعماله في التداول، وكان البنك دائماً ما تجنب الصفقات الضخمة على سبيل المثال، وهي عملية تنطوي على شراء مصرف قدراً كبيراً من الأسهم من عميل بحسم ضئيل، أملاً بتغير سريع بسعر السوق أو ارتفاعه، أما اليوم فقد حلّ المصرف في المرتبة الأولى بالصفقات الضخمة، بعدما حل في المرتبة الخامسة في سنة 2020، بحسب «ديلوجيك».

واشترى «بنك أوف أمريكا» في أواخر مايو الماضي قدراً كبيراً من الأسهم بقيمة 1.2 مليار دولار في شركة المركبات الكهربائية الناشئة «لوسيد موتورز»، قبل أيام من بدء انخفاض أسهم الشركة عقب إعلان الصفقة، ما أسفر عن خسائر كبيرة للمصرف. وقال شخص على علم بصفقة «لوسيد» إن المصرف «أخفق كثيراً في بعض النقاط»، ولكنه لفت مع ذلك إلى انتعاش الأسهم بعد شهر من ذلك، ما أتاح للمصرف تحقيق ربح ضئيل.

وعلى الرغم من أن «بنك أوف أمريكا» لم يمر بيوم واحد خسر فيه المتداولون أموالهم بصورة جماعية في الأشهر التسعة الأولى من سنة 2023، ولكن متوسط مركز الأخطار اليومية، وهو أكبر قدر يمكن لمصرف خسارته في يوم عادي، يزيد بأكثر من الضعف على ما كان عليه قبل إعادة التهيئة الأخيرة التي أجراها على تداولاته.

وارتفع هذا المقياس، الذي يتأثر أيضاً بتقلبات السوق، إلى متوسط يبلغ 129 مليون دولار في سنة 2022، ولكن المصرف خفض أخطاره هذا العام إلى متوسط بلغ 94 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من سنة 2023، وأظهرت نتائج اختبار الإجهاد الذي أجراه الفيدرالي في وقت مبكر من هذا العام خسارة تداولات «بنك أوف أمريكا» بقدر أقل كثيراً من منافسيه حال تراجع السوق.

وعلّق روباك غوس، المسؤول التنفيذي السابق بشركة تداولات والذي يشغل منصب مستشار للشركات الناشئة، على ازدياد انكشاف «بنك أوف أمريكا» على السوق قائلاً: «لن أنظر إلى الأمر بقدر من الريبة، فالقدرة على إدارة الأخطار موهبة هي الأخرى».

وخلافاً لقسم التداول، لم يكن فريق الخزانة لدى المصرف مستعداً جيداً لارتفاع الفائدة، ويعني هذا أن النجاح الذي حققه المصرف في التداول لم يكن داعماً كبيراً لسعر سهم «بنك أوف أمريكا» المتداعي، الذي تأثر سلباً بخسائر كبيرة في محفظته للسندات طويلة الأجل.

واستقرت أسهم «بنك أوف أمريكا» هذا العام، مقارنة بقفزة قدرها %24 لأسهم «جيه بي مورغان»، ومقابل التحسن الذي شهده سهم «سيتي غروب» بأكثر قليلاً من %10 طفيفاً، وهو الذي يمر بإعادة هيكلة كبيرة، أو حتى «غولدمان ساكس» الذي واجه صعوبة في جهود التنويع.

وجاء توسع «بنك أوف أمريكا» في التداول بوقت كانت مصارف أخرى تحاول فيه تقليل التركيز على هذه الأعمال، لاحتساب المستثمرين إياها محفوفة بأخطار شديدة. وعلى سبيل المثال، قضى «غولدمان ساكس» الأعوام القليلة الماضية وهو يحاول بناء أعمال أخرى، كانت إدارة الأصول آخرها؛ سعياً لموازنة المبيعات والتداولات التي لطالما كانت مهيمنة لدى منافسيه.

وأعلن برايان موينيهان هذا الشهر اعتزامه ضخ المزيد من رأس المال في هذا المجال، بعد استثماره قرابة 180 مليار دولار في الأصول منذ أوائل سنة 2021.

وما زالت أعمال «بنك أوف أمريكا» أصغر حجماً من منافسيه، فعمليات «جيه بي مورغان» للمبيعات والتداول، مثلاً، أكبر بنحو مرتين ونصف مرة، وأدرت عليه عائداً قدره 27 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام.

وفي هذا الصدد، قال ديمار: «لن تجني المال من كل صفقة تجريها.. الأمر متعلق بالتنويع. ونحن نجري التداولات التي تضيف قيمة لعملائنا، ونجني المال غالباً من إجرائها في معظم الأحيان، وإلا لما كنا لندير هذه الأعمال».

كلمات دالة:
  • FT

رهان «بنك أوف أمريكا» على عمليات التداول يؤتي ثماره

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock