دول “الساحل الأفريقي” بلا ساحل.. فما أصل التسمية؟
تبعد دولة تشاد عن ساحل المحيط الأطلسي أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر كخط نظر، وتبعد النيجر عن ساحل المحيط بأكثر من ألفي كيلومتر، رغم ذلك فإن الدولتين الحبيستين مصنفتان ضمن منطقة الساحل الأفريقي. والملفت أن أربعة من خمسة دول ضمن “تجمع الساحل الخماسي” لا تطل على أي بحار، وهي تشاد والنيجر (وهي مركز الساحل) ومالي وبوركينا فاسو، بينما موريتانيا هي الدولة الوحيدة التي لها ساحل على المحيط الأطلسي.
وتجمع الساحل الخماسي هو إطار سياسي لدول ضمن منطقة الساحل، لأن المنطقة أوسع من ذلك جغرافياً وتمتد من شمال إريتريا حتى موريتانيا، وأحياناً يضم بعض الباحثين أجزاء من شمال السنغال أيضاً. لكن المفهوم السائد إعلامياً لمنطقة الساحل هو الجانب السياسي ويضم خمس دول.
ومنذ تفجر الاضطرابات في عدد من الدول العربية عام 2011، توجهت الأنظار الأمنية إلى منطقة الساحل الأفريقي كساحة محتملة لتفشي التنظيمات الإرهابية إثر اضطراب دول مجاورة وهي ليبيا وتونس ولاحقاً السودان.
ومنذ تحرير مدينة الرقة السورية من تنظيم داعش الإرهابي في أكتوبر 2017، حذرت تقارير أمنية غربية من انتقال ثقل الإرهاب الدولي من الشرق الأوسط إلى الساحل الأفريقي.
وبالفعل زادت التنظيمات الإرهابية عملياتها في منطقة الساحل واحتلت مساحات واسعة في كل من بوركينا فاسو ومالي وشنت هجمات دامية على مناطق حدودية في النيجر وتشاد.
نتيجة هذه الأحادث ازداد التناول الإعلامي لأحداث منطقة الساحل الأفريقي من دون شرح مدلول التسمية “منطقة الساحل”، حيث من غير المستبعد أن يكون قطاع واسع من المتابعين لأخبار هذه المنطقة يعتقد أن هذه الدول ساحلية على غرار الحديث عن الدول المتوسطية التي جاء اسمها من إطلالتها على البحر الأبيض المتوسط.
وتعود قصة الاسم حسب المتداول إلى تاريخ قديم قبل مئات السنين حيث تشير الروايات إلى أن المسلمين حين وصلوا إلى هذه الأراضي أطلقوا عليها تسمية الساحل كدلالة على “ساحل الصحراء” وليس ساحل البحر، حيث تبدأ جغرافية منطقة الساحل الأفريقي من الشمال مع نهاية جغرافية الصحراء الكبرى، وتتوغل جنوباً حتى بداية منطقة السافانا العشبية الخضراء. بالتالي، منطقة الساحل الأفريقي هي الأرض الفاصلة بين الصحراء الكبرى في الشمال وأراضي السافانا في الجنوب.
وتمتد منطقة الساحل في حزام جغرافي واسع من الشرق بدءاً من إريتريا على البحر الأحمر إلى أقصى الغرب حتى موريتانيا على المحيط الأطلسي، وإطلالة طرفي الحزام على البحر مسألة عرضية.
ومنطقة الساحل تشمل أجزاء من أراضي كافة الدول المارة فيها، وبذلك لا توجد دولة تقع بشكل كامل في منطقة الساحل، وأوسع أجزاء الساحل يقع في كل من النيجر ومالي.
