اخر الاخبارالمال والاعمال

خيارات الوظائف تنتقل إلى واقع جديد بمهارات مغايرة

ft

غالباً ما ينظر الباحثون عن العمل، إلى الوظائف في مجالات العلوم، أو التكنولوجيا، أو الهندسة، والرياضيات، باعتبارها رهانات آمنة. إنهم محقون في ذلك، وفقاً لغالبية السيناريوهات العشرية التي وضعها خبراء الاقتصاد في مجال العمل.

فقد أظهرت توقعات مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة، الصادرة في سبتمبر، زيادة قدرها 11% فيما يُطلق عليها وظائف الـ«ستيم»، أي القائمة على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، إلى 11.5 مليون وظيفة بحلول 2030، في حين سيرتفع عدد الوظائف غير ذات الصلة بالـ«ستيم» بمقدار 2% فقط.

لن تكون هذه بالضرورة وظائف خيال علمي، فكثير من الوظائف التي نتجت عن التطور التكنولوجي ستكون نسخاً مُعززة للوظائف الموجودة بالفعل، أو أخرى جديدة تقوم على خدمة احتياجات قديمة، في مجالات مثل الرعاية الصحية والبنية التحتية أو الخدمات العامة.

وتُعدّ وظيفة فني توربينات الرياح هي الأكثر أهمية في قائمة مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة، حيث من المرجح نموها 44.9% بين عامي 2022 و2032، تتبعها وظيفة فنيي التمريض، التي يُرجح نموها 44.5%. ومن المُتوقع أيضاً نمو الطلب على وظائف تكنولوجيا المعلومات، مثل علماء البيانات ومحللي أمن المعلومات، ومطوري البرمجيات، بأكثر من 25%.

أما الذكاء الاصطناعي، الذي يعمل بالفعل على تغيير العمل في عدة قطاعات، فسيكون له «تأثير هائل» على وجه الخصوص في مجالات العلوم المتقدمة، بحسب أدريان سميث، رئيس الجمعية الملكية، وهي الأكاديمية الوطنية البريطانية للعلوم.

وسيكون العلماء قادرين على تسخير قوة الحواسيب والمعدات المتقدمة، لتوليد وتحليل كميات هائلة من البيانات والفرضيات الأكثر تطوراً وتقدماً.

وقال سميث: «أن تكون جزءاً من فريق يتعامل مع كميات هائلة من البيانات، فلابد أن تتمتع بمجموعة من المهارات، خلافاً للفرد الذي يستخدم أدواته الخاصة»، وتابع: «سيكون جمع ومعالجة البيانات في قلب العلوم، وسيشتمل ذلك على استخدام خوارزميات متطورة للذكاء الاصطناعي على نحو متزايد».

ويُعد المتخصصون في الهندسة السريعة أو الفورية من بين أكثر الوظائف المثيرة للاهتمام في مجال الذكاء الاصطناعي. ويتخصص هؤلاء في نماذج لغوية كبيرة وكتابة الأكواد، ويفهمون كيفية توجيه أوامر للذكاء الاصطناعي لينجز مهام معينة أو يحقق نتائج محددة. ورغم انقسام آراء الخبراء بشأن الحاجة لهم في المستقبل البعيد، فإن الغالبية تتفق على ازدياد الطلب عليهم في الأعوام القليلة المقبلة.

ووجد موقع «أب وورك» للمهارات، أن ازدياد البحث عن «المهندسين الفوريين» بدأ في أبريل من العام الفائت، أي بعد مرور نحو ستة أشهر من إطلاق «تشات جي بي تي». وسجل الموقع طفرة في نتائج البحث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، بين الربع الرابع من 2022 والربع الثاني من 2023، بلغت نسبتها 1,500%.

ويرى آدم نيوينسكي، الشريك الإداري لدى شركة أو تي بي فنتشرز لرأس المال المغامر، أن «الطلب على الوظائف الإشرافية سيزداد أكثر فأكثر، وهناك ندرة هائلة في العاملين في هذا المجال»، وأردف: «ثمة حاجة لمجموعة محددة من المهارات لذلك، وهو منطق صعب للغاية لكن عليك اتباعه». ويتطلب ازدياد الوعي بعيوب الذكاء الاصطناعي، مثل ميله لبيان معلومات غير دقيقة، باعتبارها حقائق أو اشتماله على انحياز خوارزمي، مجموعة من المهارات النقدية والتنظيمية والإبداعية.

وتعتقد تيودورا دانييلوفيتش، المهندسة الفورية لدى «أوتوجين إيه آي» الناشئة، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لمساعدة الشركات في كتابة العطاءات للعقود، أن المهارات البشرية، لا الفنية، ستكون ذات قيمة في الإشراف على عمل الذكاء الاصطناعي والتحقق منه.

وأوضحت، خلال قمة الذكاء الاصطناعي التي عقدتها «فايننشال تايمز» العام الماضي قائلة: «لدينا الفهم السياقي… وفهم للانحياز، ولدينا الإبداع والذكاء العاطفي»، وتابعت: «نحن قادرون على التفكير في المجهولات غير المعروفة، أما الذكاء الاصطناعي فمحدود للغاية من حيث كونه قادراً فقط على العمل على ما تدرب عليه». ويقوم الذكاء الاصطناعي وأوجه التقدم الأخرى، بإحداث تحولات في العمل بوظائف الياقات البيضاء، مثل الاستشارات والامتثال، أو القانون.

ويقوم فرانك ديانا، الشريك لدى «تاتا للخدمات الاستشارية» باستغلال قدرات الذكاء الاصطناعي على معالجة بيانات كبيرة بسرعة والتعرف على إشارات تخفى على عيون البشر. وحينما طلب أحد العملاء إلى «تاتا للخدمات الاستشارية» إعداد تقرير عن كيفية تأثير العمل عن بُعد على استخدام المواصلات، طرحت شركة الاستشارات السؤال على الذكاء الاصطناعي، ثم فحص المحللون البشريون النتائج التي توصل إليها.

وقال فرانك ديانا: «ينجز الذكاء الاصطناعي بعضاً من المهام الثقيلة، بينما يكون البشري الموجود في العملية قادراً على تطبيق بعض من قدراته على التفكير النقدي»، وذكر: «هذه العملية كانت موفرة تماماً للوقت».

وسلّط ديانا الضوء على إمكانية تطبيق التوائم الرقمية، وهي نسخ افتراضية من الأشياء والهياكل أو البيئات التي يمكن استخدامها لمحاكاة سيناريوهات يمكن تطبيقها بعد ذلك في العالم الحقيقي، على عدد كبير من المجالات، منوّهاً بتغييرها للوظائف في التخطيط الحضري وحتى اكتشافات الأدوية.

وهناك أيضاً مجال مهم، وهو الواقع الافتراضي والمُعزز. وتتبنى كل من «أبل» و«ميتا»، اللتين أطلقتا سماعات رأس خاصة بهما، تصوراتهما الخاصة عن الواقع المختلط، حيث تعتبران أنه سيصبح مجالاً شائعاً للتفاعلات، انطلاقاً من التفاعل الاجتماعي في المساحات الافتراضية، وحتى مشاهدة الحفلات الموسيقية وعقد اجتماعات العمل. وعادة ما تركزت المهارات المطلوبة لتصميم مثل هذه التجارب في صناعة الألعاب، ويوجد طلب عال عليها بالفعل.

وقال جيمس بينيت، وهو مدير مشروع «ستوري فيوتشرز» لدى كلية «رويال هولواي» الذي يركز على البرامج التدريبية اللازمة للتكنولوجيات الناشئة: «على مدى الأعوام القليلة الماضية، كانت هناك هجمة على المواهب في قطاع الألعاب، فتنافست شركات الهندسة المعمارية والتصنيع، وحتى الواقع المختلط، على الخريجين القادمين من خلفيات ذات صلة بالألعاب».

وتوصلت نتائج البحث الذي أجراه المشروع إلى نقص في الخبرات والمهارات الفنية بين شاغلي الوظائف الاستغراقية. وأرجع بينيت النقص، جزئياً، إلى النمو السريع للقطاع، وأردف: «ستجد عدداً لا بأس به من الخريجين والأشخاص الذين يشتركون في دورات تدريبية إذا كانت صناعة الألعاب ساكنة، لكنها تواصل النمو، أما قطاع الميتافيرس فهو في أوجه».

وشبّه كريس ماروتا، مسؤول التصميم لدى استوديو «أستوو» للمنتجات الرقمية العالمية، هذه الطفرة بتأثير تصميم الهواتف المحمولة على التجارب الرقمية. ولفت: «إذا كنت مهتماً بتصميم مستقبل كيفية تفاعلنا، سواء مع بعضنا البعض أو مع الحواسيب، فهذا المجال هو المساحة التي ستمكّنك من فعل ذلك، لأن التوقعات ستتغير على نحو هائل».

كلمات دالة:
  • FT

خيارات الوظائف تنتقل إلى واقع جديد بمهارات مغايرة

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock