اخر الاخبارالمال والاعمال

تقييمات الأداء أمر بغيض لكن لا يمكن التوقف عنها

ft

تقول هيئة السكك الحديدية البريطانية على موقعها الإلكتروني، إن الجميع مهمون للهيئة، كذلك الجميع مهمون في قطاع الخدمات الصحية في أسكتلندا، وفي الشركة، التي تمتلك ليجولاند، ومجموعة كبيرة من الشركات الأخرى. جميعهم يستخدمون الشعار نفسه كونه اختصاراً للرغبة الطيبة في تعزيز وجود قوة عاملة متنوعة وشاملة، ولكن الاختصار لا ينقل الصورة الكاملة دائماً، فالحقيقة أنه دائماً ما يكون لبعض العاملين إسهام أكثر من غيرهم في أنشطة الأعمال، وأصحاب العمل دائماً مهتمون بتحديد هوية هؤلاء.

وللأسف فإن موسم مراجعة الأداء، الذي يلوح في الأفق مع اقتراب نهاية العام هو بمثابة تذكير بأنه حتى في عصرنا هذا، الذي تحركه البيانات والمعلومات، لا تزال الكثير من الشركات لا تعرف كيف تحدد هوية صاحب الأداء الأفضل، وهذا وفقاً لرأي الشركات نفسها، أو على الأقل تلك التي شاركت في الدراسات الاستقصائية الأخيرة في أمريكا الشمالية، والتي تظهر أن أقل من نصف الشركات تعتقد أن أنظمة مراجعة الأداء الخاصة بها تقيس عمل موظفيها بشكل فعّال.

ويتفق ذلك مع الأبحاث السابقة، التي أظهرت أن الناس يجدون مراجعات الأداء مرهقة، وغير عادلة، ومضيعة هائلة للوقت، والأكثر إثارة للاشمئزاز هو «الترتيب والإقصاء» أو عمليات التصنيف القسرية، التي تبناها جاك ويلش بشكل مثير للجدل، عندما كان يدير شركة «جنرال إلكتريك»، وهي تقوم على تقسيم الموظفين إلى مجموعات، تتدرج من الأقوى إلى الأضعف أداء، والذين يمكن مكافأتهم أو فصلهم، ويعود تاريخ الترتيب القسري إلى الأنظمة، التي وضعها الجيش الأمريكي قبل الحرب العالمية الثانية، ومن المفترض أنها لم تعد صالحة اليوم، حيث إنها لا تتوافق مطلقاً مع فكرة أن الجميع مهمون.

لقد ألغت شركات مثل «مايكروسوفت» هذا النظام منذ عقد كامل، وحذت شركات أخرى حذوها، لكن بعض خبراء الإدارة يقولون، إن هذا النظام يعاود الظهور في قطاع التكنولوجيا، حيث انتشرت عمليات تسريح الموظفين، وازداد التعطش للبيانات، التي ترجح من يجب أن يبقى أو يرحل. وفي الوقت نفسه أصبح من الواضح أن هذه التصنيفات تتناسب مع بعض المجالات أكثر بكثير من غيرها، حسبما يشير الاقتصادي بجامعة ستانفورد نيك بلوم، وطالب الدكتوراه جيدون مور.

لقد أجريا بحثاً غير منشور، يوضح أن أداء العاملين في مراكز خدمة الاتصال، على سبيل المثال، يتبع نمطاً سلساً نسبياً، حيث يتولى نحو %10 من الموظفين ما يقرب من %10 من المكالمات الهاتفية، و%5 منهم ما يقرب من %5 من المكالمات، وهكذا، إلا أن الأمر مختلف جداً في حالة الأكاديميين، فمن بين أعضاء هيئة التدريس بجامعة كاليفورنيا، الذين تم الاستشهاد بعملهم في مجلة «نيتشر ساينس» مرة واحدة على الأقل، يمثل %5 فقط من هؤلاء %46 من الاستشهادات، بينما يشكل %1 منهم %24 من الاستشهادات، وبعبارة أخرى فإن نسبة ضئيلة من الموظفين مسؤولة عن قدر كبير من الأداء.

إن التصنيف القسري، الذي يقسم القوى العاملة، على سبيل المثال، إلى خمس مجموعات كل منها %20، قد يؤدي إلى اصطفاف مجموعة صغيرة من أصحاب الأداء العالي مع آخرين يسهمون بشكل أقل كثيراً، وهذا هو أحد أسباب استقالة الموظفين المتميزين، وليس فقط الموظفين ذوي الأداء الملحوظ، ومن السهل نسبياً كذلك قياس الأداء المالي لمتداول السندات أو مدير الثروات، ولكن ماذا عن الأشخاص الذين يساعدون زملاءهم دائماً في إنجاز عملهم بشكل أسرع؟ أو من يستطيعون منع وقوع المشاكل قبل حدوثها؟. لقد عملت مع العديد من هذه الجواهر الخفية.

أشك في أن نظام مراجعة الأداء السنوي يقدر قيمة الأشخاص بشكل صحيح، وكذلك الحال بالنسبة لمراجعات الآراء المستمرة، التي تستخدمها الكثير من الشركات الآن، ناهيك عن التصنيف القسري، بل كان الكثير منها عديم الفائدة في سياسات الإدارة، حيث أبرزت من يتملقون رؤساءهم، فيما عانى البعض من تحيز الرؤية، الذي يدفع المديرين إلى تقييم الأشخاص، الذين يرونهم على حساب أولئك الذين لا يعرفونهم، وقد تفاقمت هذه المشكلة مع العمل عن بعد، ووفرة أدوات المراسلة مثل تطبيق سلاك، حسبما يشير جوش ميريل، المؤسس المشارك لمنصة مراجعة الأداء «كونفيرم»، والذي قال لي، إن الكثير من التفاعلات، التي كانت تحدث وجهاً لوجه، تحدث الآن عبر الرسائل المباشرة أو مكالمات «زووم»، حيث لا يتمكن المدير من رؤيتها.

ويعد نظام كونفيرم أقرب ما يكون إلى مراجعة الأداء الشامل 360 درجة، وهو يطلب من الموظفين تحديد الزملاء، الذين يلجأون إليهم طلباً للمساعدة بالاسم، أو من يعتبرونهم مساهمين بارزين، بالإضافة إلى أولئك الذين يحتاجون إلى دعم إضافي.

وتشير بياناتها إلى أن %15 من الموظفين ينتجون %50 من القيمة، بينما يتسبب %5 في %50 من المشاكل، وهذا يبدو معقولاً إلى حد كبير بالنسبة لي، ولكن شركة كونفيرم تدعي أنها عثرت على ما يمثل سبباً أكثر وضوحاً لإصلاح مراجعات الأداء، ففي مقابل كل 7.5 دقائق يقضيها الموظفون في كتابة وجهات نظر ذاتية لتقييم الأداء يقضي المديرون 8 ثوانٍ فقط في قراءتها.

 

كلمات دالة:
  • FT

تقييمات الأداء أمر بغيض لكن لا يمكن التوقف عنها

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock