اخر الاخبارالمال والاعمال

«تحطيم تويتر».. نظرة من الداخل

ft

عندما أتم إيلون ماسك صفقته البالغة قيمتها 44 مليار دولار لشراء «تويتر» في أكتوبر 2022، ورغم محاولاته الطويلة للتملُص من هذا العقد السخي عندما تراجعت الأسواق، إلا أنه لم يُظهر أي علامات للندم. فقد صاح وهو يُوَقع الأوراق بابتهاج: «تباً لزوك!»، في تحدٍ حماسي لرئيس ميتا، مارك زوكربيرغ، الذي أصبح منافسه المُباشر في عالم التواصل الاجتماعي التنافُسي الشرس.

كانت بداية استفزازية، وملائمة، لما يُصبح واحداً من أكثر الإصلاحات الدرامية في ثقافة الشركات حتى يومنا هذا. ففي غضون أسابيع، بدأ ماسك الزئبقي مُتقلب المزاج، في فصل أكثر من 80 % من موظفي تويتر، البالغ عددهم 7,500، واستبدال إدارته غير المجدية ومُفرطة البيروقراطية بمبادئه «المتشدد»، التي تتطلب العمل حتى ولو على مدار الليل، كل ذلك على أمل إطلاق عصر جديد من «حرية التعبير».

وكما يقول المؤلف بن ميزرتش، إن ماسك أثناء قيامه بذلك، فإنه «لم يحطم تويتر فحسب، بل إن توتير هو الآخر حطم إيلون ماسك». وفي كتابه «تحطيم توتير»، يسرد المؤلف الأمريكي الأكثر مبيعاً، فترة ما قبل استحواذ الملياردير على منصة التواصل الاجتماعي، والأشهُر الفوضوية الأولى بعدها، محاولاً الدخول إلى رأس ماسك، الذي يبدو أنه يَتكشّف أثناء توليه قيادة الشركة.

يفعل ميزريتش، الذي اشتهر بأعماله السردية غير الخيالية، مثل كتابه «بليونيرات بالصدفة»، الذي يتناول تأسيس فيسبوك، ذلك من خلال تشابك سردي لروايات على لسان عدد قليل من الموظفين متوسطي المُستوى، إلى الموظفين البارزين، مع فصول من منظور مُتخَيّل لإيلون ماسك. إنه سرد درامي، نُشر الكثير منه بالفعل، وليس عملاً معقداً من الاختراق والتقارير المُتعمقة.

يظهر ماسك، في المراحل المبكرة من عملية الاستحواذ، شخصاً شقياً ومرحاً، حتى عندما لا تسير الأمور في صالحه. وعندما تؤدي خطته الكبرى لفتح «علامة التحقق الزرقاء» لجميع المستخدمين، إلى عمليات انتحال شخصية هائلة على المنصة، بعضها بغرض الفكاهة، والبعض الآخر لأغراض مؤذية، يراه أحد كبار موظفيه «يضحك، في بعض الأحيان، بشكل هستيري، بينما ينتقل من تغريدة إلى أخرى».

لكننا نرى أيضاً لمحات من الجانب المظلم: ماسك القائد المرتاب الذي لا يتقبل النقد، ويمقُت الخيانة. والذي عندما يواجه تحديات مُتزايدة، يبدأ في التحول وإظهار قوته رداً على ذلك. عندما يقع طفله الصغير ضحية للمطاردات، يرد ماسك بطرد صحافيين مُعينين من المنصة.

وعندما يستقطب الرئيس الأمريكي جو بايدن تفاعلاً أعلى منه في تغريدة حول السوبر بول، تجتاح إيلون ماسك نوبة غضب هائلة. وعندما يصوّت مستخدمو تويتر لصالح تنحيه عن منصب الرئيس التنفيذي، في استطلاع رأي نشره بنفسه، يختبئ ماسك متجهماً في مكتبه لوقت طويل، لدرجة أن الموظفين الذين يقفون خارج المكتب، دخلوا في نقاش حول ما إذا كان يتعين عليهم الاتصال بالشرطة لطلب إجراء فحص صحي له. وهكذا يواصل كتاب «تحطيم تويتر» في جوهره، تسليط الضوء على مخاطر طغيان الأنا واستدامة توظيف ثقافة الخوف.

ووفقاً للمعايير الصحافية، ليس واضحاً بالضبط إلى أي مدى استخدم ميزريتش التراخيص الإبداعية، حيث يوَضح المؤلف، في ملحوظة للقراء قبل المقدمة، أن بعض المشاهد قد أُعيد إنشاؤها، و«أُعيد تصوّر» الحوار، واستعملت السخرية، وحتى تم خلق شخصيات مُركبة. ويقول ميزريتش إن السرد المقدم بصوت ماسك «يعتمد على تخميني الشخصي بالإضافة إلى التقارير المعمقة».

وعلى أية حال، فالهدف واضح. فقراءة الكتاب تشي بأنه كُتب وفي الذهن تحويله لسيناريو سينمائي، وأنه قد نُشر بسرعة قبل ستة كُتب أو أكثر عن تويتر وماسك، يُتوَقع أن تظهر قريباً، بعد السيرة الذاتية الشاملة التي كتبها والتر إيزاكسون. فالكتاب سينمائي بصورة مفرطة، وكتابته المُنمقة، تعتمد بشكل كبير على مشاهد حركة حية، حتى تلك التي لا تتعلق بشكل وثيق بتويتر.

ومع بروز هذا المنظور، فقد انتشرت أخيراً أخبار حول مسلسل محدود بُني على الكتاب، إلا أنه غير مُرضٍ لأولئك الذين يبحثون عن الصورة الأكبر. فليس هناك اهتمام كبير بما كان عليه توتير (منذ إعادة تسميته لاحقاً إكس)، أو ما يمكن أن يصبح عليه، أو ما يجب أن يصبح عليه، أو الأسئلة الفلسفية التي أثارتها عملية الاستحواذ، على سبيل المثال، حول استحقاقات، أو تحديات مصلحة المُساهمين.

ولعل أقرب اللقطات لشخصيته والسرد الأكثر جاذبية، هي قصة إحدى الموظفات التي تحاول إدارة التعامل مع ماسك الخارج عن السيطرة على نحو متزايد. وقد تسببت إيستر كروفورد مديرة المنتجات، في انقسام الآراء بشأنها، إما كرمز للتمَلُق أو «لثقافة العمل المفرط»، عندما صُورت وهي نائمة في كيس نوم على أرضية مكاتب توتير، بعد وقت قصير من إتمام الصفقة.

وفقاً لرواية ميزريتش، فقد أيدت إيستر ماسك على الفور، لتحقق قفزات نوعية فوق زملائها، لتحصل على مناصب أعلى، بعدما جذبت انتباهه، وحتى عرضت مشاركته في قائمة معدة مسبقاً بالأشخاص الذين يتعين عليه الاحتفاظ بهم بقربه وعدم فصلهم.

وتبرر كروفورد هذه الانتهازية عن طريق الإصرار على أنه كان من «واجبها» توجيه ماسك بعيداً عن القرارات المتهورة، وتوجيهه نحو القرارات العقلانية.

وقد نجحت في البداية. ولكن في نهاية القصة، فإنه حتى إيمانها بنفسها كواحدة من جماعة وادي السيليكون، لا يمكنه التنافس مع تقلبات ماسك المزاجية. فهي، مثل جميع موظفي ماسك، يمكن الاستغناء عنهم، وبالفعل تم فصلها. ولكن تخطف كروفورد الأضواء بحصولها على فرصة قول الكلمة الأخيرة. حيث تختتم، حسب تعبيرها، بأن ماسك «هو أتعس وأكثر الرجال وحدة، الذين قابلتهم في حياتي».

كلمات دالة:
  • FT

«تحطيم تويتر».. نظرة من الداخل

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock