اخر الاخبارالمال والاعمال

المغناطيسية البديلة.. «حوسبة» أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة

المغناطيسية البديلة قد تُحدث ثورة في مجال الحوسبة وتجعلها أكثر كفاءة من حيث استهلاك الطاقة ووفقاً لبعض الروايات، يُعتقد أن هذه الأحجار المغناطيسية الطبيعية لوحظت لأول مرة حوالي عام 2500 قبل الميلاد من قبل راعي أغنام في مغنيسيا، الواقعة في تركيا الحديثة فقد لاحظ هذا الراعي أن هذه الأحجار تلتصق بمسامير حذائه.

صُنعت هذه الأحجار من خام الحديد المغناطيسي الطبيعي، وربما كان الصينيون على دراية بها بالفعل، حيث كانوا يستخدمون المغناطيس الحجري – وهو نوع من المغنتيت – في البداية لرؤية الطالع ثم صنع البوصلات الملاحية، واستغرق الأمر حتى القرن العشرين حتى يكشف العلماء عن نوع ثانٍ من المغناطيسية والمفاجأة المثيرة أن الباحثين أكدوا الأسبوع الماضي اكتشاف نوع ثالث.

يقول فيليكس فليكر، الباحث في جامعة بريستول الذي يدرس المغناطيسية ومؤلف كتاب «سحر المادة» الذي يقارن بين الظواهر العلمية والسحر، إن «فكرة وجود نوع ثالث من المغناطيسية لم نكن ندركه، تثير حقاً خيال الناس»، ويعتقد فليكر أنه ربما تكون هناك أشكال أخرى تنتظر الاكتشاف.

لا يقتصر الاكتشاف الجديد المسمى بالـ«مغناطيسية البديلة» على إضفاء لمسة من الغموض والإثارة على ظاهرة لطالما سحرت البشر، بل قد يؤدي أيضاً إلى استخدام أرخص للطاقة في مجال الحوسبة، ونظراً لأن مراكز البيانات تُمثّل حوالي 1% من إجمالي استهلاك الكهرباء عالمياً، فإن أي تحسين بسيط في الكفاءة يمكن أن يكون له تأثير بيئي كبير.

عندما نفكر في المغناطيسية، تتبادر إلى أذهاننا عادة المغناطيسية الحديدية، وهي التي تستخدم في مغناطيس الثلاجات والقضبان المغناطيسية، وكما تعلمنا في المدرسة، فإن الأقطاب المتعاكسة تجذب بعضها البعض بينما الأقطاب المتشابهة تتنافر.

وتتحكم قوى التجاذب والتنافر المغناطيسية على المستوى الذري بفضل الإلكترونات الدوارة التي تولد مجالات مغناطيسية دقيقة خاصة بها. في المواد المغناطيسية الحديدية مثل الحديد والكوبالت والنيكل، يمكن تحفيز دوران الإلكترونات المجاورة لتتماشى في نفس الاتجاه، مما يؤدي إلى ظهور تأثير مغناطيسي جماعي، وتستخدم المواد المغناطيسية الحديدية على نطاق واسع في الهواتف وغيرها من الأجهزة، ولكن التنافر يحد من مدى تقريبها معاً.

واكتُشف نوع ثان من المغناطيسية في الثلاثينيات من القرن الماضي تحديداً عام 1930 يُسمى «المغناطيسية الحديدية المُضادة». في هذه المواد، تمتلك الإلكترونات المجاورة دوراناً مُتبادلاً وليس مُتوازياً، لا تزال الدورات المُتضادة تولد مغناطيسية داخلية، لكنها تلغي بعضها البعض على نطاق واسع، وبالتالي، لا تتجاذب أو تتنافر المواد المضادة المغناطيسية مثل المغناطيس النموذجي.

ويبدو أن «المغناطيسية البديلة» تجمع بين أفضل الصفات، حيث يعتمد سحرها المغناطيسي الفريد على التركيب الذري للمادة، وطرح علماء من ألمانيا وتشيكيا فكرة وجودها لأول مرة منذ عدة سنوات، وابتكر مصطلح «المغناطيسية البديلة» على يد ليبر شميكال من جامعة يوهانس غوتنبرج في ماينز بألمانيا.

وعُثر على إشارات تجريبية قوية لاحقاً من قبل فرق في كوريا والصين، وجاء التأكيد أخيراً من فريق دولي، ضم شميكال، مع نشر النتائج الأسبوع الماضي في مجلة نيتشر.

درس الباحثون بلورات من تيلوريد المنغنيس، وهو مادة يعتقد بها بقوة في كونها مغناطيسية بديلة. كما توقعوا، فإن دوران الإلكترونات المجاورة حدث بالتناوب، مما يعني أن الدوران المتعاكس سيؤدي إلى إلغاء بعضه البعض خارجياً، كما هو الحال في مضادات المغناطيسية الحديدية، لكن التعقيد الإضافي في بنية البلورات، وخاصة ترتيب الذرات، أنتج مجالاً مغناطيسياً داخلياً أقوى بألف مرة من مجال مغناطيس الثلاجة.

باختصار، أكد التجريبيون وجود المغناطيسية البديلة فعلياً، مع مواصفات مغناطيسية تبدو مصممة خصيصاً لتخزين أفضل للبيانات، وقد يكون هناك ما يصل إلى 200 مركب بخصائص مغناطيسية بديلة.

يشير هذا الاكتشاف إلى إمكانية استخدام الخصائص المغناطيسية للإلكترونات بدلاً من خصائصها الكهربائية لإجراء العمليات الحسابية، يطلق على هذا المجال اسم «الإلكترونيات الدورانية Spintronics» بدلاً من «الإلكترونيات».

يقول فليكر: «تثير الإلكترونيات الدورانية الكثير من الحماس لأنها أكثر كفاءة في استخدام الطاقة بشكل كبير، خاصة بعدما أصبحت أجهزة الكمبيوتر من أكبر مستهلكي الطاقة في العالم».

على الرغم من المزايا العملية للجاذبية المغناطيسية، إلا أن كل ما يتعلق بها، من تفاعلاتها على المستوى الكمي إلى تجلياتها الواضحة في الحياة اليومية، يوحي بالسحر أكثر من العلم، فالمغناطيس الطبيعي (الحجر المغناطيسي)، المغناطيس الدائم الوحيد في الطبيعة الذي اعتبره الإغريق يمتلك روحاً بسبب قدرته على تحريك برادة الحديد، له أصل مثير للاهتمام، فهو عبارة عن قطعة من الهيماتيت يُعتقد أنها أصبحت مغناطيسية بسبب ضربات الصواعق، حيث لا توجد إلا على سطح الأرض أو بالقرب منه.

بدون المغناطيس الذي يحافظ على إبر البوصلة ممغنطة، كان من الصعب على البحارة الأوائل التنقل في البحار المجهولة، ولحسن الحظ، تسمح أساليب الاستكشاف الجديدة الآن برسم خريطة أكثر اكتمالاً للمجال المغناطيسي نفسه.

كلمات دالة:
  • FT

المغناطيسية البديلة.. «حوسبة» أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock