اخر الاخبارالمال والاعمال

التوسع العالمي للبنوك الصينية يواجه عقبات جديدة

ft

في عام 2010، عقد جيانغ جيانتشينغ، بصفته رئيساً حينها للبنك الصناعي والتجاري الصيني «آي سي بي سي» (ICBC)، أكبر بنك في الصين، ما بدا وكأنه صفقة القرن، وذلك من خلال تأمين موطئ قدم في وول ستريت مقابل دولار واحد فقط. وتم الإشادة بهذا التحرك الاستراتيجي، والذي تمثل في شراء وحدة من شركة «فورتيس سكيورتي»، باعتباره دخولاً ذكياً إلى عالم الأوراق المالية العالمية، ما يشير إلى استعداد البنوك الصينية للمنافسة في الأسواق الكبرى.

وبعد 14 عاماً، تسبب هجوم إلكتروني ضخم العام الماضي في طمس بريق تلك الصفقة، التي تعرف الآن بـ «آي سي بي سي فاينانشال سيرفيسس». ورغم الأرباح المعتدلة التي حققتها الوحدة من مقاصة الخزانة الأمريكية منذ الاستحواذ، فإن النفقات الباهظة لمرة واحدة لاستعادة النظام ومخاطر خسارة العملاء أدت إلى تساؤل كبار المصرفيين في بكين عن الحكمة من وراء الانتقال إلى وول ستريت، وتقييم القيمة المتبقية التي تُقدمها هذه الوحدة لبنكها الأم.

ويعكس هذا الموقف التحديات الأكبر التي تواجه الأنشطة الخارجية للبنوك الصينية. فبعد أن غامرت بالاستثمار في الخارج قبل أكثر من عقد، تدير البنوك الصينية الكبرى أكثر من 12 تريليون رنمينبي (1.7 تريليون دولار) من الأصول الأجنبية، بحسب ما ذكره أحد كبار المصرفيين العام الماضي. وكانت توسعاتهم الأولية مدفوعة بالاندماج والاستحواذ في عصر ما بعد الأزمة المالية، مستفيدين من رياح العولمة. ويدير بنك الصين حالياً، الذي يعد أكثر البنوك انكشافاً على الصعيد الدولي بين نظرائه، شبكة واسعة تضم 534 فرعاً، تغطي ثلث بلدان العالم، وفقاً لتقريره السنوي الأخير.

ومع ذلك، فقد ولّت أيام النمو السلس من خلال الصفقات، وبات الوضع الدولي الراهن أقل ملاءمة لأي تحركات حازمة من جانب البنوك الصينية. وتعني التحولات السريعة في الجغرافيا السياسية والأسس الاقتصادية والتكنولوجية أنه يجب على هذه البنوك أن تتبنى استراتيجية أكثر حنكة من أي وقت مضى.

كما يدرك كبار المصرفيين في الصين أنه من الضروري أن تركز استراتيجيتهم العالمية الآن على النمو الطبيعي. وغالباً ما يترجم الاستحواذ على وحدات في الخارج إلى جهود تكامل طويلة الأمد، والتي يصعب إدارتها من بكين، وتستنزف موارد البنك الأم. ويعتبر الهجوم السيبراني على «آي سي بي سي فاينانشال سيرفيسس» بمثابة تذكير مكلف بمخاطر الأنظمة المستقلة، وكيف يمكن أن يعرقل الانفصال عن القيادة المركزية الاستجابة السريعة وإدارة الأزمات.

علاوة على ذلك، تضيف السيطرة المتزايدة التي يمارسها الحزب منذ أن قامت الحكومة الصينية بإصلاح شامل لنظام الرقابة المالية مزيداً من التعقيد. وفي بعض الأحيان، قد تتعارض الإجراءات أو القرارات التي تتخذها الفروع في الخارج مع التوجيهات الحالية للمقر الرئيس للبنك، ما يؤدي إلى خلافات غير متوقعة يمكن أن يكون لها تداعيات سياسية على المستوى المحلي. وعلى العكس، فإن عامل تشديد سيطرة الدولة يثير الشكوك في الخارج، خاصة في ظل مناخ سياسي حذر من تعزيز العلاقات بين البنوك، ويشمل ذلك المزيد من التعاملات مع البنوك الروسية عقب اندلاع الحرب الأوكرانية.

وثمة تطورات مثيرة للاهتمام في السنوات الأخيرة. فقد بدأ البنك الصناعي والتجاري الصيني وبنك الصين بتطوير فروع إضافية على طول طريق مبادرة الحزام والطريق في آسيا بهدف تنويع أنشطتها بعيداً عن تركيزهما السابق على أسواق الدول المتقدمة.

كما تحولت أولويات الإقراض من التركيز التقليدي على قطاع العقارات ومشاريع البنية التحتية إلى دعم قطاعات حيوية للنمو الاقتصادي في المستقبل. ويشمل ذلك سلاسل توريد السيارات الكهربائية، والتصنيع، وشركات التعدين الاستراتيجية، ومجموعة من شركات التجارة الإلكترونية الصغيرة العابرة للحدود التي تحاكي نموذج «شي إن»، التي وصلت قيمتها إلى نحو 66 مليار دولار العام الماضي.

ومع ذلك، لا يزال يشكل الإبحار في هذا المشهد الجديد عقبة كبرى أمام تخطيط الرؤى الاستراتيجية والحد من المخاطر. وتتطلب حساسية تجاه التحولات الجيوسياسية وديناميكيات الأعمال الدولية، والتي أصبحت الآن مسألة حاسمة مثلها مثل فهم السياسات المحلية. كما أنها تتطلب قدرة تكنولوجية فائقة على التكيف، ومواجهة تحديات في حماية البيانات واستقرار النظام للتعامل مع حوادث مثل هجمات برامج الفدية، وهي مفاهيم أقل شيوعاً في البر الرئيسي الصيني.

إضافة إلى ذلك، يعد الحفاظ على القدرة التنافسية تجارياً عاملاً أساسياً. وللحفاظ على ثقة المستثمرين، يجب على هذه التوسعات العالمية أن تثبت جدواها المالية – على عكس المشهد قبل عام 2008 عندما لم تكن البنوك الحكومية مدرجة في البورصة.

كلمات دالة:
  • FT

التوسع العالمي للبنوك الصينية يواجه عقبات جديدة

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock