اخر الاخبارالمال والاعمال

الإعلان الرقمي ما زال غارقاً في الضبابية

ft

واحدة من القواعد الذهبية في عالم الأعمال هي احترام العميل، خدم هذا المبدأ إيلون ماسك عندما تعلق الأمر بشركتي «تسلا» و«سبيس إكس»، لتكون الرسالة إذا كنت ترغب في قيادة سيارة رائعة، أو إطلاق قمر صناعي إلى الفضاء، فإيلون هو من تنشده.

لكن يبدو أن أغنى رجال العالم يختبر الناحية المقابلة من المعادلة، في ما يتعلق بلعبته للتواصل الاجتماعي، «إكس»، فبعدما قررت عدة شركات كبرى، تشمل «ديزني» و«أبل» و«آي بي إم»، سحب إعلاناتها من منصته؛ جراء تأييده تغريدة معادية للسامية، أفصح أغنى رجل في العالم عن رسالة صريحة، مفادها: «اذهبوا إلى الجحيم».

ويبدو أن المعلنين يأخذون رسالة ماسك على محمل الجد، وسيجدون سهولة في الانتقال إلى «غوغل» أو «تيكتوك» أو «فيسبوك».

وتمثّل منصة «إكس»، التي كانت تُعرف في ما سبق باسم «تويتر»، جزءاً ضئيلاً من سوق الإعلانات الرقمية الشاسعة. وتتوقع «غروب إم»، وهي وكالة إعلامية، هبوط إيرادات «إكس» من الإعلانات بأكثر من 50 % إلى ما يقل عن ملياري دولار هذا العام، ما يعني خروج الشركة من قائمة أبرز 25 بائعاً للإعلانات عالمياً. ويتطلب جنّي الربح من خارج ينبوع المال، المتمثل في الإعلانات الرقمية، مهارة نادرة، لكن نجاح «إكس» في هذه المجال صادم للغاية.

وتتوقع «غروب إم» نمو سوق الإعلانات الرقمية 9.2 % هذا العام إلى 617 مليار دولار. وشهد أكبر 5 باعة عالميين للإعلانات، وهم «غوغل» و«ميتا» و«بايت دانس» المشغّلة لـ«تيكتوك»، و«علي بابا» و«أمازون»، زيادة في إيرادات الإعلانات قدرها 25.4 % على أساس سنوي مركب بين 2016 و2022 .

لكن بعض المعلنين يتساءلون عن مدى جودة عناية منصات الإعلانات الرقمية الأخرى بعملائها. وسلّط تقرير حديث صادر عن خدمة «أداليتكس» لتحليلات الإعلانات، الضوء على ظهور إعلانات بعض من أكبر العلامات التجارية العالمية، وكذا وكالات حكومية أمريكية وأوروبية، بانتظام على مواقع إباحية، وأخرى تخص شركات بدول خاضعة للعقوبات.

وبعد تمحيصها 7.2 ملايين موقع على الإنترنت، وجدت «أدالتيكس» عدة أمثلة على ظهور إعلانات تخص شركات، بينها «أبل» و«بي إم دبليو» و«والمارت» والخزانة الأمريكية، على مواقع مشبوهة، دون علم المعلنين أنفسهم وقد وُضِعَت هذه الإعلانات بشكل غير مباشر من جانب شبكة شركاء البحث التابعة لـ«غوغل»، التي تتيح لمطوري الطرف الثالث تضمين محركات البحث في مواقعهم الخاصة.

ولا يعرّض ظهور الإعلانات على هذا النحو سمعة المعلنين للخطر فحسب، بل هي أيضاً سجلت أداء سيئاً، وفقاً لـ«أداليتكس» وقد استجابت «غوغل» بالإعلان عن إجراء تحقيقات في مزاعم «أداليتكس»، لكنها لم تجد دلائل على تقاسم إيرادات الإعلانات مع أي من الكيانات الخاضعة للعقوبات.

تكمن المفارقة مع ذلك في أن التبني واسع النطاق لأنظمة التعلم الآلي يتيح للمسوّقين، ومنصات الإعلانات الرقمية تقديم وخدمة إعلانات أكثر استهدافاً وتخصيصاً عمّا شوهد من قبل، وعلى نطاق هائل.

ويرى مارك ريد، الرئيس التنفيذي لوكالة «دبليو بي بي» للإعلان، أن هذا يسمح بإرسال الرسالة الصحيحة للعميل الصحيح في الوقت المناسب»، لذا، على سبيل المثال، استخدمت الوكالة الذكاء الاصطناعي، وأدوات المواقع الجغرافية في 2021 لمساعدتها في تخصيص 130,000 إعلان بالفيديو لـ2,000 متجر محلي في الهند، وتلقت جميعها تأييداً «شخصياً» من نجم بوليوود، شاروخان.

وتمت مشاهدة الإعلانات 4 ملايين مرة على منصات «يوتيوب» و«فيسبوك» لكن ريد أضاف إن المعلنين ينشدون شفافية أكبر بكثير من جانب المنصات الرقمية، وتحققاً من الأطراف الثالثة، بشأن مكان وزمان عرض إعلاناتهم.

وذكر ريد أن هذه المنصات التي تحرص على اكتساب حصة سوقية يجب أن تشجع مثل هذه الشفافية.

ويطالب بعض المشرعين بفرض تدخلات تنظيمية أكثر صرامة لمعالجة المشكلة ودعا السيناتور الأمريكي، مارك وارنر، لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل، إلى التحقيق في «تمسك وسطاء الإعلانات الرقمية بنظام بيئي مركّز ومليء بالاحتيال».

وقال ريتشارد كرامر، كبير المحللين لدى «أريت ريسيرش»، إن المسوّقين أنفسهم أظهروا «إهمالاً مؤسفاً» في عدم توجيه انتباه كافٍ لدى إنفاقهم مليارات الدولارات سنوياً.

وشبّه كرامر سوق الإعلانات الرقمية بسوق الأسهم الأوسع، وغير الشفافة، حيث تُجرى مليارات عمليات التداول يومياً وتخضع للتحقق والتسوية، في حين تُجرى تداولات أخرى غالباً في «غرف مظلمة».

وذكر كرامر أن «غوغل» بإمكانها بكل بساطة أن تتوقف عن عرض الإعلانات من خلال شبكات شركاء البحث والفيديو، مشككاً مع ذلك في رغبة الشركة بأن تصبح أصغر، حتى ولو كانت أفضل. وأضاف: «لا ترغب أي من هذه الشركات في الشفافية. وبالنسبة لكبرى شركات التكنولوجيا، فالشفافية تبدو وكأنها كلمة بذيئة». إذن فقد حان الوقت الآن للمعلنين، وإن لم يكن المشرعين أيضاً، لفرض مثل هذه الشفافية.

كلمات دالة:
  • FT

الإعلان الرقمي ما زال غارقاً في الضبابية

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock