أوضاع مالية صعبة للجامعات البريطانية مع تراجع الإقبال على الدراسات العليا
أفادت بيانات حديثة، بانخفاض حاد لأعداد الطلاب الأجانب الملتحقين بالدراسات العليا في جامعات المملكة المتحدة، ما يطرح مزيداً من التحذيرات بشأن الوضع المالي الصعب لقطاع التعليم العالي.
وأظهرت بيانات «إنرولي»، التي تُستخدم في إدارة واحد من بين كل ثلاثة عروض للطلاب الأجانب، انخفاضاً قدره 37 % بعدد العروض المُقدّمة للطلاب في الخارج للالتحاق بالدراسات العليا في المملكة المتحدة في يناير 2024 على أساس سنوي.
وحذر قادة الجامعات، من أن هذه النتائج المستندة إلى وثائق تأكيد قبول الدراسات التي تُصدرها الجامعات لدعم طلبات التأشيرات لنحو 40.000 طالب، تعد بمثابة ناقوس خطر للقطاع.
وتُعد البيانات أول لمحة واسعة النطاق لمعدل الالتحاق بالدراسات العليا، منذ التشديد الأخير الذي طبقته الحكومة على سياسات الهجرة. وأعلن ريشي سوناك، رئيس الوزراء، العام الماضي، حظراً على جلب طلاب الماجيستير لأفراد من عائلاتهم إلى المملكة المتحدة، في ظل مخاوف بشأن استغلال بعض المؤسسات التعليمية للنظام.
وقالت فيفيان ستيرن، الرئيسة التنفيذية لدى «يونيفرستيز يو كيه»، التي تمثّل أكثر من 140 جامعة، إن بيانات «إنرولي» تقدم صورة صارخة ومقلقة بشأن القطاع الأوسع. وأضافت ستيرن: «تُعد النتائج تأكيداً للتأثير الهائل الذي تُحدثه التغيرات السياسية التي أجرتها الحكومة على طلب الطلاب الأجانب، ونواجه الآن خطراً داهماً متمثلاً في تصحيح مفرط».
ويواجه القطاع أيضاً معوقات أخرى أمام قدوم الطلاب الأجانب، تشمل أزمة عملة في نيجيريا، وزيادة في التنافس مع أسواق منافسة مثل كندا والولايات المتحدة وأستراليا، التي شهدت انتعاشة قوية في أعقاب الإغلاقات ذات الصلة بجائحة فيروس كورونا.
وحددت استراتيجية التعليم الدولي الحكومية في 2019، هدفاً لاجتذاب 600.000 طالب أجنبي، وتحقيق صادرات تعليمية سنوية بقيمة 35 مليار جنيه إسترليني. وزاد عدد الطلاب الأجانب الدارسين في المملكة المتحدة من 500.000 في عام 2018-2019، إلى 680.000 في عام 2021 – 2022، وكان العام الأخير الذي توفرت فيه معلومات مكتملة.
وأعلنت وزارة التعليم، أنه من المبكر للغاية استخلاص نتائج بشأن أعداد الملتحقين بالدراسة للعام الدراسي 2024-2025، منذ استمرار التقدم بالطلبات حتى سبتمبر، لكن بيانات «إنرولي» أشارت إلى تباين واضح بين الطلبات المُقدمة للالتحاق بالدراسات الجامعية وتلك المتعلقة بالدراسات العليا.
وأفادت بيانات «إنرولي»، بازدياد عدد وثائق تأكيد قبول الدراسات للطلاب الجامعيين بنسبة 23 % في يناير على أساس سنوي.
وبالمثل، وفي وقت مبكر من الشهر الجاري، كشفت بيانات خدمة قبول الجامعات والكليات، ارتفاع الطلبات المُقدمة للحصول على تعليم جامعي من الطلاب الأجانب بمقدار 0.7 % على أساس سنوي في يناير، لكن جاءت غالبية الطلبات المُقدمة من الطلاب الأجانب للالتحاق بالدراسات الجامعية في وقت لاحق من العام.
ويزداد اعتماد الجامعات في المملكة المتحدة، على الطلاب الأجانب لتغطية النفقات. وشكّلت مصروفات الطلاب الأجانب من خارج الاتحاد الأوروبي خُمس إجمالي الدخل الجامعي في 2022، وفق البيانات الصادرة عن وكالة إحصاءات التعليم العالي. وتأتي غالبية الطلاب الأجانب إلى المملكة المتحدة لتلقي دورات الدراسات العليا.
وقال تيم برادشو، الرئيس التنفيذي لدى «راسل غروب» لجامعات النخبة، إن البيانات المبكرة تشي بتأثير السياسات الحكومية على جاذبية المملكة المتحدة باعتبارها وجهة للدراسة. وأوضح: «الأمر مؤسف، لأن المملكة المتحدة وجهة ممتازة للطلاب الأجانب للدراسة، وستكون هناك تداعيات وخيمة على ماليات الجامعات أيضاً».
وأظهرت بيانات «إنرولي» المستندة إلى وثائق تأكيد قبول الدراسات، انخفاضاً نسبته 70 % بعدد الطلاب النيجيريين، وتراجعاً قدره 33 % في أعداد الطلاب الهنود بكافة المستويات الدراسية، مقارنة مع يناير 2023. وكان هذان البلدان سوقين للنمو القوي منذ 2018.
ولفتت راشيل هيويت، رئيسة «مليون بلس»، التي تمثل الكليات المهنية والمعاهد الفنية السابقة التي صارت جامعات في 1992، إلى أن انخفاض الودائع على هذا النحو يحمل في طياته «عواقب وخيمة» على كافة مستويات الجامعات في المملكة المتحدة، ما سيؤدي إلى خسائر من شأنها فرض ضغوط إضافية على موازنات الجامعات.
من جهتها، أشارت وزارة التعليم، إلى أن قطاع التعليم العالي يتلقى دعماً مالياً يقترب من 6 مليارات إسترليني سنوياً، فضلاً عن 10 مليارات إسترليني إضافية سنوياً تتمثل في رسوم التعليم من الطلاب المحليين. وأضافت الوزارة: «نركز تماماً على تحقيق التوازن المناسب بين اتخاذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بصافي الهجرة، الذي يعد بوضوح مرتفعاً للغاية، مع اجتذاب ألمع الطلاب للدراسة في جامعاتنا».
