اخر الاخبارالمال والاعمال

أسعار الفائدة.. أداة الفيدرالي الأمريكي قوية التأثير

ft

الكاتبة خبيرة اقتصادية سابقة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ومؤسسة شركة «سام كونسلتنغ»، وكاتبة مدونة «ستاي آت هوم ماكرو»
شهد الشهر الماضي تحولاً كبيراً في رؤى المستثمرين حول المسار الذي تأخذه أسعار الفائدة، فقد قفزت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بنصف نقطة مئوية، قبل أن تنقلب إلى انخفاض حاد هذا الأسبوع، وتزيد الفوائد المرتفعة تكاليف الاقتراض على الأسر والشركات، ويأتي ذلك ليفاقم الزيادات الكبيرة على مدى العامين الماضيين.

ويتناقض ارتفاع معدلات الفائدة في السوق على ما يبدو مع قرار الفيدرالي في اجتماعه، الذي عقده أواخر سبتمبر، بتثبيت الفائدة على الأموال الفيدرالية، وهو سعر الفائدة الرسمي، ووصف أوستان غلوسبي، رئيس الاحتياطي بشيكاغو الارتفاع الأخير للفائدة على المدى الطويل بأنه «لغز»، مقللاً من دور الفيدرالي في ذلك.

لقد كان غلوسبي محقاً جزئياً، فثمة عوامل أخرى يمكن أن تدفع الفائدة للارتفاع، مثل المخاوف بشأن ارتفاع العجز الفيدرالي، الذي يزيد من حجم سندات الخزانة المطروحة، ولا يوجد إجماع على سبب معين، لكن عائدات الخزانة ارتفعت بصورة مباشرة تقريباً فور انتهاء اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لتحديد السياسات في سبتمبر، وهناك أسباب للاعتقاد بأن الفيدرالي هو الذي يقف وراء هذا الارتفاع، حتى وإن كان بشكل غير مقصود، وإذا كان الأمر ذلك فسيكون ذلك مقلقاً بصفة خاصة، بالنظر إلى ازدياد مخاطر دفع البنك المركزي الفائدة إلى مستويات شديدة الارتفاع في هذه المرحلة من الدورة.

ولعل ما قاله الفيدرالي عن المستقبل قد أحدث فرقاً، فخلال الاجتماع الماضي قام المسؤولون بتحديث توقعاتهم للنمو الاقتصادي والبطالة والتضخم، والأهم من ذلك، الفائدة على الأموال الفيدرالية لنهاية 2023 والأعوام الثلاثة المقبلة. يُعرف هذا باسم ملخص التوقعات الاقتصادية، والذي يجمع معاً التوقعات الفردية من 19 مسؤولاً في الفيدرالي، وخلافاً للتغيرات، التي تطرأ على معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية، التي يصوّت عليها أعضاء اللجنة، فالملخص غير منسق ومُجهّل.
تكمن الفكرة وراء ملخص التوقعات الاقتصادية والأدوات الأخرى للتوجيه المستقبلي، مثل المؤتمر الصحافي والخطب، في التأثير على تكاليف الاقتراض للشركات والأسر الآن، من خلال التلميح للأسواق المالية إلى ما قد يفعله الفيدرالي، ونبعت الفكرة في نهاية فترة الركود الكبير، الذي أسفرت عنه الأزمة المالية العالمية.

وكان معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية حينذاك صفراً، مما ترك مجالاً ضئيلاً أمام خفض تكاليف الاقتراض، وتعزيز النشاط الاقتصادي، ورغم أن أسعار الفائدة حالياً تزيد كثيراً على الصفر إلا أن الفيدرالي يستخدمها لتعزيز مصداقيته بصفته متصدياً للتضخم، ولتقديم إشارات للأسواق بشأن سياسته المستقبلية، وتحتسب الأسواق التطلعية ذلك ضمن أسعار الأصول بالسوق في الوقت الراهن. ويُعد ملخص التوقعات الاقتصادية أداة قوية، وتتمثل حجة تايونغ دوه، وأندرو فورستر، الخبيرين الاقتصاديين لدى الفيدرالي، في أن ملخص التوقعات والأنواع الأخرى من التوجيهات المستقبلية تقلل الوقت، الذي يستغرقه الفيدرالي للتأثير على الظروف المالية للأسواق والاقتصاد. ومع ذلك يمكن لملخص التوقعات أن يكون أداة غير قابلة للتوقع، فما يظن الفيدرالي أنه يقوله (سواء بالكلمات أو الأرقام)، وما يسمعه المتعاملون في السوق ليسا دائماً الأمر ذاته، وقد يستغرق تضاهي الاثنين وقتاً، لذا فالتغيرات الصغيرة على ملخص التوقعات أحياناً ما يكون تأثيرها كبيراً على أسعار الفائدة مع محاولة الأسواق اللحاق بما يجري، ويبدو أن هذا ما حدث بعد الاجتماع الأخير للفيدرالي.

ويتوقع الفيدرالي اقتصاداً أكثر قوة، وأسعار فائدة أعلى مقارنة بملخصه الأخير في يونيو، وقلل متوسط توقعات مسؤولي الفيدرالي للنمو من الأخبار الإيجابية الأخيرة، بشأن التضخم الأساسي، ولم يمرر أي من هذا التراجع المفاجئ إلى الأعوام المقبلة، وعلى النقيض رفع ملخص التوقعات الاقتصادية تقديراته للناتج المحلي الإجمالي وخفض تقديراته لمعدل البطالة.

لقد أدى أسلوب الفيدرالي المُعتاد إلى رفع مساره للفائدة على الأموال في العام المقبل، ما عزز شعاره «أسعار أعلى لمدة أطول»، وليس من الصعب رؤية كيف سيؤدي هذا إلى رفع أسعار الفائدة بالأسواق، وكان العدد الأقل للمرات المتوقعة لتخفيض الفائدة من الفيدرالي مفاجئاً بعد أشهر من تراجع التضخم.

وغالباً ما يتم الدفع بملخص التوقعات الاقتصادية في مناقشات أكبر، والمثال على ذلك حالياً هو التساؤل حول ما إذا كان هناك ركود يلوح في الأفق أم لا، وقد وصف البعض الملخص بأنه توقعات «معتدلة»، لأنه بدا وكأن التضخم سيتراجع، وأن معدل البطالة سيظل منخفضاً، لكن جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، شكك في أن يكون مثل هذا «الهبوط السلس» بمثابة الأساس لتوقعات المجلس، وهكذا فإن الأمر يكون مثيراً للحيرة عندما لا يبعث رئيس الفيدرالي وملخص التوقعات بالرسالة ذاتها، لكنه أمر غير معتاد.

ثمة جدل آخر يدور حول ما إذا كنا بصدد عالم ذي أسعار فائدة مرتفعة على نحو مستمر. إن مجلس الاحتياطي الفيدرالي لم يرفع تقديراته لمعدل الفائدة على الأموال الفيدرالية طويلة الأجل، لكنه مدد المستويات الحالية، وسمح باستمرار تصاعد الفائدة المُعدلة وفقاً للتضخم، لذا طريقة مخادعة بأن الفيدرالي ليس متعجلاً لخفض الفائدة.

كلمات دالة:
  • FT

أسعار الفائدة.. أداة الفيدرالي الأمريكي قوية التأثير

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock